معارضة الاستصحاب التعلیقی مع الاستصحاب التنجیزی
والحاصل : أنّ الاستصحاب التعلیقی ممّا لا إشکال فیه أصلاً ، وإنّما الإشکال فی معارضته بالاستصحاب التنجیزی ، فإنّ الزبیب فی المثال ، کان قبل الغلیان مباحاً فیستصحب إباحته .
فإن قلت : نعم ، ولکنّ الشکّ فی الإباحة الفعلیة وعدمها بعد الغلیان مسبّب عن الشکّ فی ثبوت الحرمة التعلیقیة قبل الغلیان ، والأصل السببی حاکم علی المسبّبی .
قلت : لا یکفی فی الحکومة صرف ترتّب الشکّین ، بل یعتبر مع ذلک ، الترتّب بین المشکوکین .
وبعبارة اُخری : یعتبر فی حکومة الأصل السببی علی المسبّبی أن یکون المشکوک فیه فی الأصل المسبّبی من الآثار الشرعیة للمشکوک فیه فی الأصل السببی ، کما فی الماء المستصحب الطهارة الذی غسل به الثوب النجس ، حیث إنّ الشکّ فی طهارة الثوب ونجاسته بعد الغسل مسبّب عن الشکِ فی طهارة الماء ونجاسته ، وطهارة الثوب النجس المغسول بالماء من آثار طهارة الماء ، فحینئذٍ یکون الأصل السببی بجریانه رافعاً للشکّ فی طرف
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 88
المسبّب تعبّداً لکونه مثبتاً لموضوعه ، وأمّا إذا لم یکن المشکوک فی طرف المسبّب من الآثار الشرعیة للسبب فلا یکون فی البین حکومة ، إذ لا یرفع الشکّ فیه بالأصل الجاری فی السبب لا حقیقة ـ کما هو واضح ـ ولا تعبّداً لعدم الترتّب الشرعی ، وفیما نحن فیه کذلک ، إذ الحرمة التعلیقیة علی فرض ثبوتها تستلزم الحرمة الفعلیة بعد حصول المعلّق علیه ، والحرمة الفعلیة تستلزم عدم الإباحة ، ولکنّ اللازم الأوّل لا مانع من ترتّبه لما عرفت وجهه ، وأمّا اللازم الثانی فلا یترتّب ، فإنّ الحرمة والإباحة ضدّان وترتّب عدم أحد الضدّین علی ثبوت الضدّ الآخر عقلی لا شرعی ، فإثباته بالأصل الجاری فیه تعویل علی الأصل المثبت .
هذا ، وقد اُجیب عن هذا الإشکال بوجوه غیر مغنیة عن جوع .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 89