التنبیه الرابع فی الاستصحاب التعلیقی
إذا جعل الشارع الغلیان علّة لنجاسة العنب فالمجعول الشرعی بحسب التصوّر أحد اُمور أربعة :
الأوّل : الحرمة التقدیریة ؛ أعنی الحرمة علی تقدیر الغلیان .
الثانی : الملازمة بین الشرط والجزاء ؛ أعنی الغلیان والحرمة .
الثالث : سببیة الغلیان للحرمة .
الرابع : حرمة العنب المغلیِّ.
وما توهّم من عدم قابلیة السببیة أو الملازمة للجعل ، مدفوع : بأنّ السببیة الاعتباریة قابلة للجعل ، وقد نشأ هذا التوهّم من قیاس الاُمور الاعتباریة بالاُمور الواقعیة ، وقد مرّ تفصیل ذلک فی الأحکام الوضعیة ، فراجع .
إذا عرفت هذا ، فنقول : إذا قال الشارع : «العنب إذا غلی ینجس أو یحرم» ، فالظاهر أنّ المجعول هو النجاسة أو الحرمة علی تقدیر الغلیان فالموضوع هو
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 84
العنب والحکم هو الحرمة التقدیریة ، فإذا شکّ فی بقاء هذه الحرمة التقدیریة التی لها نحو وجود فی عالم الاعتبار من جهة تبدّل بعض حالات الموضوع ، صحّ استصحابها بلا إشکال ، لتحقّق رکنی الاستصحاب .
فإن قلت : إنّ الظاهر من تعلیق حکم علی موضوع هو ثبوته علی فرض فعلیة الموضوع ولا یشمل الموضوع التقدیری .
قلت : موضوع «لا تنقض» هو الیقین والشکّ وهما فعلیان ، وتقدیریة متعلّقهما لا یضرّ بالاستصحاب بعد ترتّب أثر شرعی علی استصحاب هذا الأمر التقدیری ، ولا شکّ أنّ استصحاب هذا الأمر التقدیری یوجب فعلیّـته بعد ثبوت المعلّق علیه ، وثبوت المعلّق علی فرض ثبوت المعلّق علیه وإن کان أمراً عقلیاً ولکنّه لازم لما هو أعمّ من الحکم الواقعی والظاهری ، فیترتّب علی المستصحب قطعاً .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 85