تنبیهات الاستصحاب

استصحاب الزمانیات

استصحاب الزمانیات

 

‏قد عرفت‏‏  ‏‏: أنّ الشیخ ‏‏قدس سره‏‏ قسّم الاُمور المتصرّمة علی ثلاثة أقسام‏‏  ‏‏: الزمان‏‎ ‎‏والزمانی المتصرّم والزمانی المستقرّ المتقیّد بالزمان‏‏  .‏‎[1]‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 72
‏والأولی تقسیمها بنحو آخر بأن یقال‏‏  ‏‏: الاُمور المتصرّمة إمّا أن تکون بحیث‏‎ ‎‏لا یری العرف تصرّمها‏‏  ‏‏، کنور السراج والشمس مثلاً‏‏  ‏‏؛ فإنّه دائماً ینعدم منه شعاع‏‎ ‎‏ویوجد منه شعاع آخر‏‏  ‏‏، ولکنّ العرف یری الأشعّة المنعکسة أمراً ثابتاً‏‏  ‏‏، وإمّا أن‏‎ ‎‏تکون متصرّمة بنظر العرف والعقل معاً ولکنّها مع تصرّمها تکون شخصیتها باقیة‏‎ ‎‏عقلاً وعرفاً کالزمان والحرکة وجریان الماء وسیلان الدم‏‏  ‏‏، وإمّا أن تکون بحسب‏‎ ‎‏الدقّة‏‏  ‏‏، بل بحسب نظر العرف أیضاً موجودات متکثّرة ولکنّها مع تکثّرها تعتبر‏‎ ‎‏بجهة اُخری شخصاً واحداً کقراءة القرآن وإنشاء الخطبة ونحوهما‏‏  ‏‏، فهذه ثلاثة‏‎ ‎‏أقسام‏‏  ‏‏. ولا إشکال فی اعتبار الاستصحاب فی القسمین الأوّلین‏‏  ‏‏، بل وفی القسم‏‎ ‎‏الأخیر أیضاً‏‏  ‏‏، وحافظ الوحدة فی القسم الأخیر یختلف باختلاف الموارد‏‎ ‎‏فالمدرّس مثلاً یعتبر جمیع کلماته موجوداً واحداً مادام اشتغاله بتدریس الفقه‏‎ ‎‏مثلاً‏‏  ‏‏، ثمّ إذا أعرض عن ذلک وشرع فی الاُصول مثلاً‏‏  ‏‏، یعدّ ما بعد ذلک موجوداً‏‎ ‎‏آخر وإن شرع فیه بلا فصل‏‏  .‏

‏وبالجملة‏‏  ‏‏: فالوحدة والتعدّد فی هذه الاُمور موکول إلی العرف‏‏  ‏‏، وأمّا ما‏‎ ‎‏یتراءی من کلام الشیخ والنائینی من کون الوحدة والتعدّد فیها بتبع وحدة‏‎ ‎‏الداعی وتعدّده أو وحدة المبدأ وتعدّده‏‏  .‏‎[2]‎

‏ففیه ما لا یخفی‏‏  ‏‏: ضرورة أنّ النهر الجاری مثلاً ما لم ینقطع جریانه یعدّ‏‎ ‎‏موجوداً واحداً وإن تعدّد مبدؤه فإنّ العرف ربّما یغفل عن مادّته ومبدئه‏‏  ‏‏، ومع‏‎ ‎‏ذلک یحکم بکونه موجوداً واحداً متّصلاً ما لم یتخلّل فی البین عدم الجریان‏‏  ‏‏،‏‎ ‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 73
‏وکذا الخطیب والمدرّس ربّما یتغیّر داعیه فی أثناء الدرس أو الخطبة‏‏  ‏‏، ومع ذلک‏‎ ‎‏یعدّ الدرس الواحد موجوداً واحداً وإن وجد أوّله بداعی الریاء مثلاً وآخره‏‎ ‎‏بداعی إلهی‏‏  .‏

‏وبالجملة‏‏  ‏‏: فلیس الملاک فی الوحدة والتعدّد فی المقام وحدة الداعی وتعدّده‏‏  ‏‏،‏‎ ‎‏بل الملاک فیهما یختلف بحسب المقامات وتعیـینه موکول إلی العرف‏‏  ‏‏، فتدبّر‏‏  .‏

 

کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 74

  • - فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشیخ الأعظم 26 : 203 ـ 208 .
  • - فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشیخ الأعظم 26 : 206 ـ 207 ؛ فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 441 .