تنبیهات الاستصحاب

نقلٌ ونقدٌ

نقلٌ ونقدٌ

‏ ‏

‏وبهذا البیان یعلم‏‏  ‏‏: أنّ ما قیل من أنّه یجوز أن یستصحب السلب الترکیبی‏‎ ‎‏الأعمّ من سلب الموضوع ویترتّب بسببه آثار السلب الترکیبی المقیّد بوجود‏‎ ‎‏الموضوع‏‏  ‏‏. بتقریب‏‏  ‏‏: أنّ وجود الموضوع لا یصیر سبباً لصیرورة القضیّة قضیّة‏‎ ‎‏اُخری‏‏  ‏‏، ویکفی فی الاستصحاب کون المستصحب فی زمان الشکّ ذا أثر وإن‏‎ ‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 36
‏لم یکن حین الیقین به موضوعاً للأثر‏‏  ‏‏، فی غایة الفساد‏‏  .‏

‏بداهة أنّ السلب الترکیبی الأعمّ من سلب الموضوع کلّی‏‎[1]‎‏ له فردان أحدهما‏‎ ‎‏سلبه بسلب المحمول فقط والثانی سلبه بسلب المحمول والموضوع معاً‏‏  ‏‏.‏‎ ‎‏ولا ریب أنّ إثبات الفرد باستصحاب الکلّی من أوضح أفراد الاُصول المثبتة‏‏  ‏‏،‏‎ ‎‏فافهم‏‏  .‏

‏وبهذا البیان أیضاً یعلم الجواب أیضاً عن التقریر الذی ذکره بعض‏‎ ‎‏المشایخ‏‏  ،‏‎[2]‎‏ وقد مرّ ذکره‏‏  ‏‏، وحاصله أنّا نقول‏‏  ‏‏: مشیراً إلی ماهیة المرأة أنّها لم تکن‏‎ ‎‏قرشیة قبل وجودها فالآن کما کانت أو نقول‏‏  ‏‏: مشیراً إلی ماهیة الحیوان الموجود‏‎ ‎‏أنّه لم یکن قبل وجوده قابلاً للتذکیة فالآن کما کان‏‏  .‏

‏والجواب عن ذلک‏‏  ‏‏: أنّ الصادق سابقاً هو قولنا‏‏  ‏‏: لم تکن هذه المرأة قرشیة‏‏  ‏‏،‏‎ ‎‏الصادق بعدم تحقّق المرأة وعدم هذیّتها‏‏  ‏‏، وهذا المعنی العامّ لا یثبت به حکم‏‎ ‎‏المرأة الموجودة المشار إلیها بهذه والحکم الشرعی ثابت للمرأة الموجودة لا‏‎ ‎‏المرأة ولو فی حال عدمها ولم تکن هذه المرأة الموجودة فی حال العدم هذه‏‎ ‎‏المرأة حتّی یقال‏‏  ‏‏: بأنّها فی حال العدم کانت مسلوباً عنها القرشیة فالآن کذلک‏‏  ‏‏،‏‎ ‎


کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 37
‏وإنّما یتوهّم الواهمة أنّ لهذه المشار إلیها هذیّة قبل تحقّقها فهذه المرأة قبل‏‎ ‎‏تحقّقها لم تکن هذه المرأة ولا مسلوباً عنها شیء علی نحو سلب الشیء عن‏‎ ‎‏الشیء وإنّما یصدق حینئذٍ قولنا‏‏  ‏‏: «لم تکن هذه المرأة قرشیة» بعدم الهذیّة لا‏‎ ‎‏بسلب شیء عنها بعد فرض الهذیّة فالقضیّة المشکوکة التی اُخذ فی موضوعها‏‎ ‎‏الهذیّة لیست لها حالة سابقة وإن اُشیر فیها إلی الماهیة‏‏  ‏‏، فإنّه قبل الوجود لا‏‎ ‎‏ماهیة ولا وجود‏‏  .‏

فإن قلت‏  :‏‏ لو لم یصدق قولنا‏‏  ‏‏: «هذه المرأة قبل وجودها لم تکن قرشیة»‏‎ ‎‏لصدق نقیضه وهو‏‏  ‏‏: «أنّها کانت قرشیة» وإلاّ لارتفع النقیضان‏‏  .‏

قلت‏  :‏‏ لیس نقیض قولنا‏‏  ‏‏: «هذه المرأة کانت قرشیة»‏‏  ‏‏، «هذه المرأة لم تکن‏‎ ‎‏قرشیة» بحیث تکون هذیّتها محفوظة‏‏  ‏‏، بل النقیض له هو قولنا‏‏  ‏‏: «لم تکن هذه‏‎ ‎‏المرأة قرشیة» الأعمّ من کون السلب بسلب المحمول المحفوظ معه الهذیّة‏‎ ‎‏وبسلب الموضوع الذی لا یبقی معه الهذیّة أیضاً‏‏  ‏‏، فتدبّر‏‏  .‏

 

کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 38

  • - أقول : لیس المستصحب مفهوم السلب الکلّی ، بل شخص خاصّ من السلب ووجود الموضوع بالنسبة إلیه من المقارنات فی بعض الأزمنة . اللهمّ إلاّ أن یقال : إنّ المقام من موارد استصحاب فرد من الکلّی لیترتّب أثر فرد آخر وذلک أسوأ حالاً من إثبات الفرد باستصحاب الکلّی . [ المقرّر حفظه الله ]
  • - راجع : فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشیخ الأعظم 26 : 198 ـ 202 ؛ درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 219ـ 220 ؛ کتـاب الطهـارة (تقریرات المحقّق الحائری) الأراکی 2 : 12 ـ 14 .