الوجه الرابع
کیفیة الاستهزاء منه تعالیٰ
الـفعل الـمستهزئ بـه الـیهود معلوم من الـکتاب الـعزیز، فإنّ فی تردّدهم، وبین شیاطینهم وبین الـمؤمنین، یحصل سوء نظرهم، وأمّا الـفعل الـمستهزأ بـه الـیهود من الـناحیـة الـمقدّسـة فغیر واضح ولأجلـه اختلفوا أنّـه فی الـدنیا أو فی الآخرة أو فیهما.
والذی یحصل لی: أنّـه یتّضح من قولـه تعالـیٰ: «ویَمُدُّهُمْ فِی طُغْیَانِهِمْ یَعْمَهُونَ»، فإنّ الاستهزاء والـسخریّـة الإلهیّـة، لـیست من مقولـة الـکم والـکیف، بل هی من الـخارجیّـات الـمتحیّـزة والـحرکات الـذاتیـة الـمتجوهرة، فهم بعد طغیانهم الـمنسوب الـیٰ أنفسهم یُمَدُّون فی الـغوایـة والـضلالـة والانحراف علیٰ خلاف الـدعوة الأوّلیـة الـفطریـة الـمتوجّهـة الـیهم، فهم مُدعَون الـیٰ الـصراط الـمستقیم، ومبعوثون الـیٰ الـسبـیل الـقیّـم أوّلاً، ولکنّهم یَمُدّون فی سبـیل الـغیّ والـفطرة الـمحجوبـة الـمنحرفـة عن الـجادّة الـمعتدلـة، وهل الاستهزاء إلاّ ذلک؟! وهل هذا من غیر ربّ الـسمٰوات والأرض؟! والله من ورائهم محیط.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 532