سورة البقرة

الوجه الثالث : حول استناد الاستهزاء إلیه تعالی

الوجه الثالث

‏ ‏

حـول استناد الاستهزاء إلیه تعالی

‏ ‏

‏فی إسناد الاستهزاء الـیـه تعالـیٰ وجوه وآراء کلّها تدور مدار الـمجاز‏‎ ‎‏والـکنایـة والاستعارة علیٰ أقسامها وأنحائها الـمحتملـة هنا، والـمشهور أنّها‏‎ ‎‏من باب الـمشاکلـة الـتی هی من الـمحسّنات الـمعنویـة‏‎[1]‎‏.‏

والذی هو التحقیق:‏ أنّ الاستهزاء علیٰ الـمعنیٰ الـذی عرفت منّا ـ حسب‏‎ ‎‏الـلغـة والـعرف ـ لـیس من الـمعانی الـقبـیحـة الـذاتیـة، فیکون لأجل‏‎ ‎‏الـعوارض والـطوارئ الـخارجیـة، قابلاً لـلاتّصاف بالـحسن والـصحّـة وأن‏‎ ‎‏یُجوّزه الـعقل، مثلاً: إذا کان نجاة إنسان موقوفـة علیٰ استهزاء إنسان، فلا شبهـة‏‎ ‎‏فی لزومـه الـعقلی وجوازه الـشرعی، کما یخرج ـ عندئذٍ ـ عن الـقبح‏‎ ‎‏الـعرفی، ولا یخرج ـ وقتئذٍ ـ عن عنوان الاستهزاء، ولیس هذا مثل الـظلم،‏‎ ‎‏فإنّـه یخرج بعد ذلک عن کونـه ظلماً؛ لأنّـه من الـقبائح الـعقلیـة والـعرفیـة‏‎ ‎‏الـذاتیـة والـطبعیّـة.‏

‏فبناء علیٰ هذا إذا کان الـیهود یستهزئون بالـمؤمنین یستحقّون أن یُقابلوا‏‎ ‎‏بمثلـه؛ من غیر أن یکون الـمماثل لـه بعنوان الـجزاء خارجاً عن حقیقـة‏‎ ‎‏الاستهزاء، فلا مجاز فی الـکلمـة ولا مجاز فی الإسناد؛ وهذا من غیر فرق بین‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 531
‏أن تکون الـجملـة إخباریـة أو إنشائیـة.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 532

  • )) راجع الکشّاف 1 : 66 ـ 67، والتفسیر الکبیر 2 : 70، و روح المعانی 1: 158 ـ 159.