المسألة الثانیة
حول استحباب مطلق الإنفاق
قضیّـة الـعمومات والإطلاقات الـمذکورة فی الـبحوث الـسابقـة لقوله تعالیٰ: «وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنْفِقُونَ» استحباب مطلق الإنفاق؛ لا إلـیٰ حدّ الـتقتیر.
وفی تفسیر الـفخر أخذاً عن غیره: أدخل «من» الـتبعیضیّـة صیانةً لـهم وکفّاً عن الإسراف والـتبذیر الـمنهیّ عنـه. انتهی.
وهو عجیب، فإنّـه یمنع من إنفاق کلّ ما تیسّر لـه وجمیع أموالـه وأرزاقـه؛ من غیر ارتباطـه بالإسراف والـتبذیر، وقد عرفت أنّـه ناظر إلـیٰ قولـه تعالیٰ: «وَلاَتَبْسُطْهَا کُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً»، ویصحّ الـتمسّک بها لإثبات استحباب الـزکاة علیٰ الـصبیان، وأنّ الإنفاق من کلّ أحد مقبول ومطلوب إلاّ ما خرج بالدلیل.
ویشهد علیٰ استحباب الـتعلیم والإرشاد، وغیر ذلک من أنواع الإنفاقات الـمختلفـة، الـحاصل اختلافها من أنحاء الـرزق وأقسام الـرازق والـمنفق وغیر ذلک.
ویدلّ علیٰ أنّ الإنفاق علیٰ غیر الـمسلم جائز حسب الـعموم الـمستفاد من الـحذف، فیصحّ إعطاء الـزکاة لـغیر الـمسلم والـمؤمن إلاّ إذا قام الـدلیل علیٰ خلافـه.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 440
ولأحدٍ إنکار الإطلاق فی الآیـة من هذه الـجهـة وبعض الـجهات الـمشار إلـیها؛ مدّعیاً أنّ الآیـة الـکریمـة فی موقف آخر، وهو مطلوبیّـة أصل الإنفاق فی الـجملـة، وأمّا مطلق الإنفاق ـ حتّیٰ علیٰ الـحیوانات والـکفّار ـ فلایثبت مطلوبیتـه.
فبالجملة: استخراج الـفروع الـکثیرة من هذه الآیـة الـکریمـة وسابقتها ممکن، والـطریق ما اُشیر إلـیـه، وسبیل الإشکال ما أومأنا إلـیـه أیضاً.
وأمّا دلالتها علیٰ جواز إعطاء الـزکاة احتساباً ، کما عن ابن عبّاس فهی واضحـة الـمنع، ولا مأثور من الـشرع حتّیٰ یُستدلّ بـه علیها، وقد عرفت أنّ قضیّـة هذه الآیـة ـ علیٰ احتمال ـ جواز بذل الأولاد لـلجهاد فی سبیل اللّٰه والـدفاع عن حرم الـرسول صلی الله علیه و آله وسلم ، فإنّ إنفاق الـولد ـ الـذی هو رزق اللّٰه قطعاً ـ فی هذا الـخیر الـمشروع، من أعظم أقسام الإنفاق، بل قد عرفت إمکان استفادة بذل الـنفس فی ذلک، فتأمّل.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 441