سورة البقرة

المسألة الثانیة : حول استحباب مطلق الإنفاق

المسألة الثانیة

‏ ‏

حول استحباب مطلق الإنفاق

‏ ‏

‏قضیّـة الـعمومات والإطلاقات الـمذکورة فی الـبحوث الـسابقـة لقوله‏‎ ‎‏تعالیٰ: ‏‏«‏وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنْفِقُونَ‏»‏‏ استحباب مطلق الإنفاق؛ لا إلـیٰ حدّ الـتقتیر.‏

‏وفی تفسیر الـفخر أخذاً عن غیره: أدخل «من» الـتبعیضیّـة صیانةً لـهم‏‎ ‎‏وکفّاً عن الإسراف والـتبذیر الـمنهیّ عنـه‏‎[1]‎‏. انتهی.‏

‏وهو عجیب، فإنّـه یمنع من إنفاق کلّ ما تیسّر لـه وجمیع أموالـه‏‎ ‎‏وأرزاقـه؛ من غیر ارتباطـه بالإسراف والـتبذیر، وقد عرفت أنّـه ناظر إلـیٰ‏‎ ‎‏قولـه تعالیٰ: ‏‏«‏وَلاَتَبْسُطْهَا کُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً‏»‏‎[2]‎‏، ویصحّ‏‎ ‎‏الـتمسّک بها لإثبات استحباب الـزکاة علیٰ الـصبیان، وأنّ الإنفاق من کلّ أحد‏‎ ‎‏مقبول ومطلوب إلاّ ما خرج بالدلیل.‏

‏ویشهد علیٰ استحباب الـتعلیم والإرشاد، وغیر ذلک من أنواع الإنفاقات‏‎ ‎‏الـمختلفـة، الـحاصل اختلافها من أنحاء الـرزق وأقسام الـرازق والـمنفق‏‎ ‎‏وغیر ذلک.‏

‏ویدلّ علیٰ أنّ الإنفاق علیٰ غیر الـمسلم جائز حسب الـعموم الـمستفاد‏‎ ‎‏من الـحذف، فیصحّ إعطاء الـزکاة لـغیر الـمسلم والـمؤمن إلاّ إذا قام الـدلیل‏‎ ‎‏علیٰ خلافـه.‏


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 440
‏ولأحدٍ إنکار الإطلاق فی الآیـة من هذه الـجهـة وبعض الـجهات‏‎ ‎‏الـمشار إلـیها؛ مدّعیاً أنّ الآیـة الـکریمـة فی موقف آخر، وهو مطلوبیّـة أصل‏‎ ‎‏الإنفاق فی الـجملـة، وأمّا مطلق الإنفاق ـ حتّیٰ علیٰ الـحیوانات والـکفّار ـ‏‎ ‎‏فلایثبت مطلوبیتـه.‏

فبالجملة:‏ استخراج الـفروع الـکثیرة من هذه الآیـة الـکریمـة وسابقتها‏‎ ‎‏ممکن، والـطریق ما اُشیر إلـیـه، وسبیل الإشکال ما أومأنا إلـیـه أیضاً.‏

‏وأمّا دلالتها علیٰ جواز إعطاء الـزکاة احتساباً ، کما عن ابن عبّاس‏‎[3]‎‎ ‎‏فهی واضحـة الـمنع، ولا مأثور من الـشرع حتّیٰ یُستدلّ بـه علیها، وقد عرفت‏‎ ‎‏أنّ قضیّـة هذه الآیـة ـ علیٰ احتمال ـ جواز بذل الأولاد لـلجهاد فی سبیل اللّٰه‏‎ ‎‏والـدفاع عن حرم الـرسول ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ ، فإنّ إنفاق الـولد ـ الـذی هو رزق اللّٰه‏‎ ‎‏قطعاً ـ فی هذا الـخیر الـمشروع، من أعظم أقسام الإنفاق، بل قد عرفت إمکان‏‎ ‎‏استفادة بذل الـنفس فی ذلک، فتأمّل‏‎[4]‎‏.‏

‏ ‏

‏ ‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 441

  • )) راجع التفسیر الکبیر 2 : 31 .
  • )) الإسراء (17) : 29 .
  • )) راجع الدّر المنثور 1 : 27 .
  • )) راجع بحث البلاغة والمعانی ، النقطة الثالثة .