سورة البقرة

المسألة الاُولیٰ : مشروعیّة عبادة الصبیّ

‏ ‏

المسألة الاُولیٰ

‏ ‏

مشروعیّة عبادة الصبیّ

‏ ‏

‏اختلفوا فی مشروعیّـة عبادة الـصبیّ علیٰ وجوه وأقوال.‏

‏والـحقّ هی الـمشروعیّـة من غیر حاجـة إلـیٰ الأدلّـة الـخاصّـة،‏‎ ‎‏کإثبات مسألـة اُصولیّـة: وهی أنّ الأمر بالأمر بالشیء أمر بذلک الـشیء،‏‎ ‎‏وحیث ورد الأمر من الـرسول الأعظم ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ : بأنّ الـموالـی والأولیاء یأمرون‏‎ ‎‏الأولاد والأطفال بالصلاة‏‎[1]‎‏، فیکون من ناحیتـه الـمقدّسـة أمراً متوجّهاً إلـیهم،‏‎ ‎‏فتصحّ صلاتهم، ومن غیر حاجـة إلـیٰ الـتمسّک ببعض الأدلّـة والـوجوه‏‎ ‎‏الاُخر، بل تکفینا الأدلّـة الـعامّـة وإطلاقاتها والـعمومات من الـکتاب‏‎ ‎‏والـسنّـة، وقد تقرّر فی محلّـه: أنّ حدیث ‏«رفع القلم عن الصبیّ حتّیٰ

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 438
یحتلم»‎[2]‎‏ لایلازم رفع الـتکلیف بالمرّة، بل یمکن الالتزام برفع الـوجوب‏‎ ‎‏حسب الـوجـه الـصحیح الـمعقول، وهو أنّ هذا الـحدیث فی حکم الـقرینـة‏‎ ‎‏علیٰ الـترخیص بالترک بالنسبـة إلـیهم، ولا نرید من رفع الـوجوب إلاّ ذلک.‏

‏وأمّا رفع الـوجوب الاعتباری، أو رفع شدّة الإرادة الـبسیطـة، فهو ولو‏‎ ‎‏أمکن فی الاعتبار بلحاظ الآثار، ولکنّـه لاتمسّ إلـیـه الـحاجـة جدّاً، فقولـه‏‎ ‎‏تعالیٰ: ‏‏«‏یُقِیمُونَ الصَّلاَةَ‏»‏‏ بعد ثبوت عمومـه الأفرادی، یشهد علیٰ مطلوبیّـة‏‎ ‎‏إقامـة الـصلاة من کلّ أحد، ولاسیّما إذا کان مراهقاً ممیّزاً ومؤمناً بالأدلّـة‏‎ ‎‏الـعقلیّـة بالغیب، فإنّـه أقویٰ اندراجاً تحت الآیـة من نوع الـمکلّفین‏‎ ‎‏الـجاهلین بها.‏

‏وقد فرغنا عن أعمّیـة «الـمتّقین» فیما سلف، فلایتوجّـه علیٰ الآیـة‏‎ ‎‏الـشریفـة بعض الـتوهّمات الـناشئـة عن قلّـة الـباع وعدم الاطّلاع.‏

‏نعم ربّما یختلج بالبال صحّـة دعویٰ عدم ثبوت الإطلاق لـلآیـة‏‎ ‎‏الـشریفـة بالنظر إلـیٰ الـصلاة وأنواعها وأنحائها ؛ لأنّها فی مقام إفادة الإیمان‏‎ ‎‏بالغیب إجمالاً وإقامـة الـصلاة، وأمّا أنّ هذه الـصلاة هی الـمفروضـة أو‏‎ ‎‏الـمندوبـة، فلا نظر لـها إلـیها، فاستفادة الـمطلوبیّـة الـذاتیّـة الـمطلقـة‏‎ ‎‏لطبیعـة الـصلاة بما هی هی من هذه الآیـة الـکریمـة، لاتخلو عن نوع‏‎ ‎‏غُموضـة، وعلیٰ تقدیر ثبوتـه یصحّ الـتمسّک بمثل هذه الآیـة وأشباهها فی کلّ‏‎ ‎‏مورد یحتاج الـفقیـه إلـیٰ الـتمسّک بإطلاق الـمادّة؛ لإثبات شیء، أو نفی‏‎ ‎‏دخالـة أمر فی الـمحبوبیّـة.‏

‏ ‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 439

  • )) وسائل الشیعة 3: 11 ـ 13 کتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، الباب 3.
  • )) راجع وسائل الشیعة 1: 45، کتاب الطهارة، أبواب مقدّمة العبادات، الباب4، الحدیث 11.