سورة البقرة

المسألة السادسة : حول کلمة «الصلاة»

المسألة السادسة

‏ ‏

حول کلمة «الصلاة»

‏ ‏

‏الـصلاة ـ بحسب أصل الـلغـة ـ الـدعاء والـتبریک والـثناء، وقد غلب‏‎ ‎‏استعمالها فی الـصورة الـمعروفـة حتّیٰ صارت حقیقـة فیها بالوضع الـتعیّنی،‏‎ ‎‏واکتست تلک الـحقیقـة، ورفضت معناها الأصلی؛ بحیث لایتبادر منـه ذلک إلاّ‏‎ ‎‏عند قیام الـقرینـة.‏


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 408
‏وقد قال أبو حیّان: إنّ الأمر بالعکس‏‎[1]‎‏. وهو غیر واضح سبیلـه، وسیأتی‏‎ ‎‏فی بحث رسم الـخطّ ما یتعلّق بالمقام.‏

ثمّ إنّه قد تقرّر منّا فی الاُصول تفصیلاً:‏ أنّ هذا الـنقل والانتقال کان قبل‏‎ ‎‏الإسلام، والإسلام طلع وتلک الـصورة معهودة بین الـمشرکین وفی شبـه‏‎ ‎‏جزیرة الـعرب، وهذا الُمخترَع الدینی کان من بدو أدیان المعروفـة‏‎[2]‎‏، ویُعرِب‏‎ ‎‏عن ذلک بعض الآیات الـشریفـة:‏

‏1 ـ ‏‏«‏رَبِّ اجْعَلْنِی مُقِیمَ الصَّلاَةِ‏»‏‎[3]‎‏.‏

‏2 ـ ‏‏«‏رَبَّنَا لِیُقِیمُوا الصَّلاَةَ‏»‏‎[4]‎‏.‏

‏3 ـ ‏‏«‏وَأَوْصَانِی بِالصَّلاَةِ وَالزَّکَاةِ مَادُمْتُ حَیّاً‏»‏‎[5]‎‏.‏

‏4 ـ ‏‏«‏یَابُنَیَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ‏»‏‎[6]‎‏.‏

‏5 ـ ‏‏«‏قَالُوا یَاشُعَیْبُ أَصَلاَتُکَ تَأْمُرُکَ‏»‏‎[7]‎‏.‏

‏6 ـ ‏‏«‏وَمَا کَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ الْبَیْتِ إِلاَّ مُکَاءً وَتَصْدِیَةً‏»‏‎[8]‎‏... إلی_' غیرذلک.‏

‏ضرورة شهادتها علیٰ سبق هذه الـمائدة الـسماویّـة والـمعجون‏‎ ‎‏الـملکوتی علیٰ الإسلام قطعاً، وکانت لـفظـة الـصلاة تُطلق علیها أیضاً قبل‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 409
‏الإسلام، فهذه الـلفظـة کسائر الألفاظ وضعاً، فکما أنّ الأصل کون الـموضوع‏‎ ‎‏لـه ـ فی جمیع الألفاظ ـ معنیً عامّاً شاملاً لـجمیع الأفراد، کذلک لـفظـة‏‎ ‎‏«الـصلاة».‏

فما اشتهر بین جمع من الاُصولیّین:‏ بأنّ الـصلاة موضوعـة لـلفرد‏‎ ‎‏الـکامل الـتامّ الأجزاء والـشرائط، کما عن الـشیخ الأنصاریّ ‏‏قدس سره‏‏ فی تقریرات‏‎ ‎‏جدّی الـعلاّمـة الـکلانتر رحمـه اللّٰه تعالیٰ‏‎[9]‎‏. أو عن جمع آخر: بأنّ‏‎ ‎‏الـموضوع لـه هو الـصحیح الـمُسقِط لـلأمر، واختلاف الأجزاء بعد اختلاف‏‎ ‎‏الـحالات لایضرّ بذلک. أو ما قیل: بأنّ الـموضوع لـه هو الـصحیح الـجامع‏‎ ‎‏للأجزاء والـشرائط. فکلّـه فی غیر محلّـه، وتفصیلـه فی الاُصول‏‎[10]‎‏.‏

وماهو الحجر الأساسی لحلّ هذه المشکلة:‏ أنّ الـرجوع إلـیٰ ألفاظ‏‎ ‎‏الـمُخترَعات الـیومیّـة الـصناعیّـة، وإلـیٰ ألفاظ الأجناس والـمرکّبات‏‎ ‎‏الـطبعیّـة، وإلـیٰ ألفاظ الـمرکّبات الـتألیفیّـة کالدار والـبیت، وإلـیٰ جمیع‏‎ ‎‏الألفاظ الـموضوعـة لـلمعانی والـحقائق الـمؤتلفـة یُفید أنّ ألفاظ‏‎ ‎‏الـمُخترَعات الإسلامیّـة والـمشروعات الـشرعیّـة ـ ولو کانت قبل الإسلام ـ‏‎ ‎‏کلّها موضوعـة لـلجامع بین الأفراد الـمتفاوتـة کمالاً ونقصاً والـمختلفـة‏‎ ‎‏مراتبَ.‏

‏وأمّا الـسؤال عن ذلک الـجامع، فهو بحث طویل الـذیل دقیق الـنظر‏‎ ‎‏خارج عن وضع الـکتاب، وقد حرّرنا فی محلّـه: أنّ من الـممکن اختلاف هذه‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 410
‏الاُمور فی جوامعها، والـذی هو الـغالب فی الـجامعیّـة هی الـهیئات الـفانیـة‏‎ ‎‏فیها الأجزاء‏‎[11]‎‏، فصلاة کلّ مکلَّف وإن اختلفت ـ لأجل اختلاف حالاتهم ـ‏‎ ‎‏بحسب الأجزاء والـشرائط صلاة حقیقـة، إلاّ مثل صلاة الـغرقیٰ ، بل وصلاة‏‎ ‎‏الـمیّت، فافهم واغتنم.‏

‏ ‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 411

  • )) البحر المحیط 1 : 38 .
  • )) راجع تحریرات فی الاُصول 1 : 183 ـ 186 .
  • )) إبراهیم (14) : 40 .
  • )) إبراهیم (14) : 37 .
  • )) مریم (19) : 31 .
  • )) لقمان (31) : 17 .
  • )) هود (11) : 87 .
  • )) الأنفال (8) : 35 .
  • )) راجع مطارح الأنظار : 7 / السطر 10 .
  • )) راجع تحریرات فی الاُصول 1 : 195 وما بعدها .
  • )) راجع تحریرات فی الاُصول 1 : 224 وما بعدها .