سورة البقرة

النکتة الاُولیٰ : وجه تأخیر هذه الآیة

النکتة الاُولیٰ

‏ ‏

وجه تأخیر هذه الآیة

‏ ‏

‏ربّما یخطر بالـبال الـسؤال: عن وجـه تقدیم الـشرطیـة الاُولیٰ علیٰ‏‎ ‎‏الـشرطیـة الـثانیـة الـمذکورة فی هذه الآیـة، مع أنّ الأمر بالإیمان کان ینبغی‏‎ ‎‏أن یقدّم علیٰ الـنهی عن الإفساد، وعندئذٍ نقول:‏

من الممکن أن یقال:‏ إنّ الـمنافقین بعد ما کانوا مُقرّین فی الـصورة‏‎ ‎‏بالإیمان بالله وبالـیوم الآخر فیحاجّونهم: بأنّکم إن کنتم تؤمنون بالله وبالـیوم‏‎ ‎‏الآخر، فلا تُفسدوا فی الأرض، وبعدما أقرّوا: بأنّا مصلحون، فیدلّونهم الـیٰ أن‏‎ ‎‏یؤمنوا إیماناً خالـصاً، مثل ما یؤمن الـناس والآخرون.‏

أو یقال:‏ إنّ الآیـة الـسابقـة تکفّلت بمقام الـتخلیـة عن الـمفاسد‏‎ ‎‏والـرذائل والـمهلکات والـبلیّـات، وهذه الآیـة تعرّضت لـلتجلیـة‏‎ ‎‏والـتحلیـة، فإنّها بعد ذاک بحسب الـمراتب الـمحرّرة فی الـفلسفـة‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 451
‏الـعملیـة والـحکمـة الـتطبـیقیـة.‏

أو یقال:‏ إنّ الـقائل فی الآیـة الاُولیٰ والـمحاجّـة الـسابقـة کان منهم ـ‏‎ ‎‏کمـا عرفت تقریبـه ـ فهو لا یقول إلاّ بالـنهی عن الإفساد، فإذا عُرف من‏‎ ‎‏حالـهم أنّهم یظنّون أنّهم مصلحون، فقیل لـهم: لـو کنتم مصلحین فآمنوا حقیقـة‏‎ ‎‏کإیمان الـناس.‏

أو یقال:‏ إنّـه لـم یکن الـنظر الـیٰ إیمانهم؛ لـما لا منفعـة فیـه ولا خیر‏‎ ‎‏منـه، بل الـمقصود مقصور علیٰ ترکهم الإفساد ومنعهم عن الـتضادّ والـفساد،‏‎ ‎‏ولکنّهم لمّـا قالـوا: ‏‏«‏إِنَّـمَا نَحْـنُ مُصْلِحُونَ‏»‏‏ عـرض علیهم إذا کـان الأمـر‏‎ ‎‏کمـا زعمتـم، فآمنـوا کما آمن الـناس، ولا تکونوا منافقین بإبطان الـکفر‏‎ ‎‏وإظهـار الـخلوص.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 452