سورة البقرة

النحو والإعراب

النحو والإعراب

‏ ‏

‏الـبحث حول هذه الآیـة یظهر ممّا مضیٰ حول الآیـة الـسابقـة من‏‎ ‎‏جهاتـه الـعدیدة، من جهـة عطفها علیٰ الـسابقـة واستئنافها، والـثانی متعیّـن‏‎ ‎‏کما سبق، ومن جهـة الـعامل فی «إذا»، ومن جهـة حکم الـجملـة بعدها، ومن‏‎ ‎‏جهـة الـمفعول الـذی لـم یُسمَّ فاعلـه، ومن جهـة الإشکال فی وقوع‏‎ ‎‏الـجملـة نائب الـفاعل، ومن جهـة الـجواب، ومن جهات اُخر.‏

‏وأمّا جملـة ‏‏«‏آمِنُوا کَمَا آمَنَ النَّاسُ‏»‏‏، فالـکاف عندهم فی موضع‏‎ ‎‏نصب، وأکثرهم علیٰ جعلها نعتاً لـمصدر محذوف؛ أی إیماناً کما آمن الـناس،‏‎ ‎‏خلافاً لسیـبویـه، فیجعلها منصوبـة علیٰ الـحال من الـمصدر الـمضمر‏‎ ‎‏الـمفهوم من الـفعل‏‎[1]‎‏.‏

‏وأمّا لـفظـة «ما» فهی أیضاً مورد الـخلاف بین کونها الـکافّـة، وکونها‏‎ ‎‏الـمصدریـة، ویحتمل الـموصولـة شذوذاً‏‎[2]‎‏.‏


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 449
والذی هو التحقیق عندی:‏ أنّ کلمـة «کما» بسیطـة، ولیست مرکّبـة من‏‎ ‎‏الـحرفین الـمستقلّین فی الـوضع، بل هی مستقلّـة بالـوضع، وعلیٰ هذا یسقط‏‎ ‎‏الـنزاع الـثانی، وتکون هی حرف الـتشبـیـه الـمقرون بالـعهد، وداخلـة علیٰ‏‎ ‎‏الـجملـة علیٰ وجـه الـتشبـیـه، وسیظهر أنّـه من أیّ قسم من أقسام‏‎ ‎‏الـتشبـیـه ـ إن شاء الله تعالـیٰ ـ ولیس لـها محلّ من الإعراب؛ لأنّها من‏‎ ‎‏الـمعانی الـحرفیـة حینئذٍ.‏

‏ولو فرضنا ترکّبها فهی مرکَّبـة من حرف الـتشبـیـه وما الـمصدریـة،‏‎ ‎‏فتکون الـجملـة فی محلّ الـجرّ بها، ولا محلّ لـها أیضاً، ولا تکون صفـة ولا‏‎ ‎‏حالاً، بل هی من قبـیل حرف الـعطف وقع بین الـجملتین لـلربط الـتشبـیهی،‏‎ ‎‏فلا تخلط.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 450

  • )) راجع مجمع البیان 1 : 50، والبحر المحیط 1 : 66، و روح المعانی 1 : 143 .
  • )) راجع روح المعانی 1 : 143 .