المقصد الثالث فی الخلل

فی صحّة الصلاة إذا لم تقع مستدبراً بها القبلة

فی صحّة الصلاة إذا لم تقع مستدبراً بها القبلة

‏ ‏

بقی بحث:‏ قد صحّت الـصلاة الـواقعـة بین الـمشرق والـمغرب، بتمامها‏‎ ‎‏أو جزئها؛ لـکونها إلـی الـقبلـة، وهو مقتضیٰ «لا تعاد».‏

وربّما یخطر بالبال:‏ أنّ الـصلاة الـواقعـة إلـی الـمشرق والـمغرب‏‎ ‎‏بعرضهما الـعریض، الـخارجـة عمّا بین الـمشرق والـمغرب، وغیر الـداخلـة‏‎ ‎‏فی الـدبر عرفاً، إن کانت باطلـة، فهو لأجل الأصل الأوّلی، وإلاّ فالأخبار‏‎ ‎‏قاصرة عن إبطالها، بل مقتضیٰ قاعدة «لا تعاد» أیضاً عدم بطلانها؛ لـعدم فَقْد‏‎ ‎‏الـقبلـة، بل قضیّـة قولـه ‏‏علیه السلام‏‏: ‏«إن کان متوجّهاً إلیٰ دبر القبلة فلیقطع الصلاة،‎ ‎ثمّ یحوّل وجهه إلی القبلة»‏ أنّ الـفرض الـباطل هو صورة وقوعها دبر‏‎ ‎‏الـقبلـة، ومستخلفاً حقیقـة، فإذا خرج عن دبر الـقبلـة، یدخل فی الـقبلـة‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: الخلل فی الصلاةصفحه 94
‏الـحکمیّـة، أو الـواقعیّـة، فتصحّ، وحیث لـم یحدّد مفهوم الـدبر، بخلاف مفهوم‏‎ ‎‏الـقبلـة، وأنّ ما بین الـمشرق والـمغرب لـیس مشرق یوم الـصلاة ومغربـه‏‎ ‎‏بالضرورة، ولا الـیوم الأوّل، ولا الـیوم الآخر، من الـمشارق والـمغارب،‏‎ ‎‏فالکلّ یعدّ ما بین الـمشرق والـمغرب، حسب طلوع الـشمس وغروبها‏‎ ‎‏الـعادیّـة فی هذه الآفاق، فالقسمـة ثنائیّـة، لا ثلاثیّـة، والـصلاة فی صورة‏‎ ‎‏وقوعها فی الـخلف ـ الـذی لا تطلع فی الـسنّـة فیـه الـشمس ولا تغرب فیها‏‎ ‎‏یوماً ـ باطلـة، وفاقدة الـقبلـة الـحکمیّـة، وداخلـة فی «لا تعاد».‏

‏فالدائرة الّتی یتخیّل لـلمصلّی، بحسب الاُفق، تنقسم إلـی الأربعـة، ولا‏‎ ‎‏تصحّ الـصلاة فی واحدة منها، وهو الـمسمّیٰ بالخلف والـدبر، وحمل الـروایـة‏‎ ‎‏علی الـیوم الأوّل أو الـیوم الـوسط أو الـیوم الآخر أو یوم الـصلاة، حمل علی‏‎ ‎‏الـنادر، وإن کان الأخیر غیر بعید فی نفسـه، إلاّ أنّ الالتزام بـه غیر تامّ، کما لا‏‎ ‎‏یخفیٰ، بخلاف کون الـمطالع والـمغارب والـحدّ الـوسط قبلـة حکمیّـة لـغیر‏‎ ‎‏الـعالم الـعامد.‏

فبالجملة:‏ الـقسمـة هادمـة لـلشرکـة، وظاهرة فی أنّ الـقبلـة إمّا‏‎ ‎‏موجودة أو مفقودة، ولا ثالث.‏

‏ولا شبهـة فی فقد الـقبلـة الـحقیقیّـة بین الـمشرق والـمغرب، بخلاف‏‎ ‎‏الـحکمیّـة؛ فإنّها بید الـشرع، والـمتفاهم من أمثال هذه الـتراکیب هو‏‎ ‎‏الـمتفاهم من قولک بین الـسماء والأرض.‏

ونتیجة ذلک:‏ أنّ الـجملـة الـثانیـة بیان لـمفهوم الـجملـة الأولیٰ،‏‎ ‎‏وبالعکس لـو قلنا بالمفهوم لـ «معتبر الـساباطیّ» صغرویّاً وکبرویّاً، واحتمال‏‎ ‎‏کون الـمقصود أنّ الـمشارق والـمغارب قبلـة، دون الـحدّ الـوسط أبعد.‏


کتابتحریرات فی الفقه: الخلل فی الصلاةصفحه 95
ویؤیّد ما ذکرنا:‏ أنّ الـیمین والـیسار، والـشمال والـجنوب، خفیف‏‎ ‎‏الـمؤونـة فهماً، ویتمکّن أوساط الـناس من ذلک، بخلاف الـنقطـة الـخاصّـة،‏‎ ‎‏فلا تغفل.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: الخلل فی الصلاةصفحه 96