سورة البقرة

الجهة الثالثة : فی إعراب تلک الحروف

الجهة الثالثة

‏ ‏

فی إعراب تلک الحروف

‏ ‏

فقیل:‏ هی غیر معربـة لا لـفظاً ولا محلاًّ:‏

‏أمّا الأوّل فهو واضح.‏


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 270
‏وأمّا محلاًّ فلا تعرب؛ لأنّها من الـمفردات کأسماء الأعداد الـتی توردها‏‎ ‎‏لمجرّد الـعدّ من غیر نظر إلـیٰ إفادة الـمعنیٰ الـتصدیقی، وأمّا الـسکون علیها‏‎ ‎‏فلابدّ منها، فإنّـه فرق بین الـسکون الـمبتنی علیٰ الـوقف أو الـبناء، وبین هذا‏‎ ‎‏الـنحو من الـسکون، ولأجل هذه الـنکتـة إظهار الـحرکـة علیها لا یورث‏‎ ‎‏کونها مُعربـة، ولا تکون فی الـجملـة الـمرکّبـة، کما لا یخفیٰ. وهذا الـقول‏‎ ‎‏منسوب إلـیٰ الـخلیل وسیبویـه‏‎[1]‎‏.‏

‏وعن الأکثر: أنّ لـها محلاًّ إذا أخبرت عنها، وعطفتها ولو بحذف الـحرف‏‎ ‎‏الـعاطف؛ لـلزوم الـتأسّی بالقُرّاء وبالسیرة الـقرآنیّـة. ویمکن أن یکون محلّها‏‎ ‎‏الـرفع علیٰ الابتداء، أو علیٰ إضمار الـمبتدأ، والـنصب بإضمار فعل، والـجرّ‏‎ ‎‏علیٰ إضمار حرف الـقسم‏‎[2]‎‏. وقال ابن کیسان الـنحوی: «الم» فی موضع‏‎ ‎‏الـنصب، کما تقول: إقرأ «الم» أو علیک «الم»‏‎[3]‎‏.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ اختلاف الاحتمالات ناشئ من اختلاف الـمبانی فی‏‎ ‎‏معانیها، فمن جعلها قسماً الـتزم بخفض محلّها، ومن اعتقد أنّها أسماء الـسور‏‎ ‎‏تصوّر إعراب محلّها، وهکذا، ومن أنکر تمکّنها جعلها من الـکلمـة الـمفردة.‏

والذی هو الحقّ:‏ أنّـه علیٰ جمیع الـتقادیر تکون: إمّا من أرکان الـجملـة‏‎ ‎‏الـمحذوف رکنها الآخر، أو من متعلّقات تلک الـجمل، ولا معنیٰ لـکونها مفردة؛‏‎ ‎‏للزوم اندراجها تحت الـلغو الـمستحیل فی الـکتاب الإلهی، ومقتضیٰ ذلک‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 271
‏کونها فی محلّ الإعراب والـتمکّن. فما عن الـخلیل وسیبویـه ساقط جدّاً.‏

‏وأمّا تعدید الأعداد فهو أیضاً کذلک، فإنّ الـعادّ آخر ما یرید من‏‎ ‎‏الـتعدید، إعلام الـطرف بأنّـه یتمکّن من ذلک ویعلمـه، فیکون فی موضع‏‎ ‎‏الـنصب علیٰ الـمفعولیّـة.‏

‏نعم إیجاد الـمفرد لـغرض الأمر الـطبیعی ممکن، کما إذا کان یقول‏‎ ‎‏بصوت رفیع: «إسحاق»، ویرید أن یفرج عن حلقومـه، ولکنّـه هنا غیر صحیح،‏‎ ‎‏فعلیٰ جمیع الـمسالک تکون من الأسماء الـمتمکّنـة.‏

إن قلت:‏ هذه حروف لا معنیٰ لـکونها فی محلّ الإعراب.‏

‏قلت: کیف وإذا قال: «اب ت ث من الـحروف»، تکون فی موضع الـرفع‏‎ ‎‏علیٰ الابتداء. هذا، مع أنّ الـحاکی من الأسماء، وما هو فی محلّ الإعراب‏‎ ‎‏والـبناء هی الـجمل الـحاکیـة، لا الـمکتوبـة الـمحکیّـة، مع أنّ الـلازم اتّحاد‏‎ ‎‏الـحاکیـة مع الـمحکیّـة فی هذه الـجهـة، کما هو الـظاهر، فتأمّل.‏

‏ ‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 272

  • )) الجامع لأحکام القرآن 1 : 156 .
  • )) البحر المحیط 1 : 35 / السطر 19 .
  • )) الجامع لأحکام القرآن 1 : 157 .