سورة الفاتحة

المسألة الرابعة : حول کلمة «الضلال»

المسألة الرابعة

‏ ‏

حول کلمة «الضلال»

‏ ‏

‏الـضلال والـضَّلَل ـ محرّکـة ـ ضدّ الـهدیٰ والـرشاد قالـه‏‎ ‎‏«الـقاموس»‏‎[1]‎‏.‏

‏وقال ابن الـکمال: الـضلال: فَقْدُ ما یوصل إلـیٰ الـمطلوب، وقیل:‏‎ ‎‏سلوک طریق لا یوصل إلـیٰ الـمطلوب‏‎[2]‎‏.‏

‏وفی الـراغب: هو الـعدول عن الـطریق الـمستقیم وتضادّه الـهدایـة،‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 158
‏قال اللّٰه تعالیٰ: ‏‏«‏فَمَنِ اهْتَدَیٰ فَإِنَّمَا یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیْها‏»‏‏،‏‎ ‎‏ویقال «الـضلال» لـکلّ عُدول عن الـحقّ، ولذا صحّ أن یستعمل لـفظـه فیمن‏‎ ‎‏یکون فیـه خطأٌ مّا، ولذلک نسب إلـیٰ الأنبیاء وإلـیٰ الـکُفّار؛ وإن کان بین‏‎ ‎‏الـضلالین بون بعید: ‏‏«‏وَوَجَدَکَ ضَالاًَّ فَهَدَیٰ‏»«‏‏إِنَّکَ لَفِی ضَلاَلِکَ القَدِیمِ‏‏»‏‎ ‎‏وغیر ذلک‏‎[3]‎‏. انتهیٰ، مع تصرّف یسیر. وعلیٰ هذا الـمنوال نسج الآخرون فی‏‎ ‎‏هذه الـورطـة.‏

‏والـذی یظهر لـکاتب هذا الـرقیم ولمحرّر هذه الـحروف: أنّ معنیٰ هذه‏‎ ‎‏الـمادّة أوسع من ذلک، وهو الـغیبوبـة والاختفاء، ومنـه الـضیاع إذا اُطلق‏‎ ‎‏واُرید منـه؛ لأنّ الـضیاع اختفاء الـلُّقَطـة، وإذا اُطلق الـضالّـة علیٰ الـحیوان‏‎ ‎‏فهو أیضاً لأجل ذلک، فراجع أنواع الاشتقاقات الـمذکورة فی الـمفصّلات‏‎[4]‎‏.‏

‏قال ابن حیّان: والـضلال الـهلاک والـخفاء وضلّ الـلبن فی الـماء.‏‎ ‎‏وقیل: أصلـه الـغیبوبـة ‏‏«‏فی کِتَابٍ لاَ یَضِلُّ رَبِّی‏»‏‏، وضللت الـشیء؛ جعلت‏‎ ‎‏مکانـه، وأضللتُ الـشیء؛ ضیّعتـه، ‏‏«‏وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ‏»‏‏، وضلّ غفل نسی‏‎[5]‎‏.‏‎ ‎‏انتهیٰ موضع من کلامـه، مع ما فیـه من الـخلل الـکثیر.‏

‏وفی الأقرب: ضلّ الـلبن فی الـماء؛ خفی وغاب. ضلّ الـناسی: غاب‏‎ ‎‏عنـه حِفظُ الـشیء. وفلانٌ فلاناً: نسیـه. أضلّـه؛ دفنـه وغیّبـه، کقولـه:‏

‏أضلّت بنو قیسِ بْنِ سعدٍ عمیدَها‏


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 159
‏أی دفنتـه‏‎[6]‎‏. انتهیٰ.‏

وبالجملة:‏ الـضلال لـیس ـ بحسب الـلغـة ـ من الأوصاف الـرذیلـة‏‎ ‎‏ومن الـنواقص الـبشریّـة؛ وإن کانت الـصفـة الـرذیلـة إحدیٰ مصادیقـه؛‏‎ ‎‏لاشتراکها فی الـغیبوبـة والاختفاء، وإلاّ فإنّ الـخارج عن الـطریق الـمستقیم‏‎ ‎‏اختفیٰ وغاب عنـه، فیحتاج إلـیٰ الـهدایـة؛ أی إلـیٰ أن یظهر علیٰ الـطریق‏‎ ‎‏الـمذکور، والـضالّـة هی الـمختفیـة والـغائبـة، والـضالّ هو الـغائب، إلاّ أنّـه‏‎ ‎‏تارة یُراد منـه الـنوع الـخاصّ لـلقرینـة، فتأمّل جیّداً.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 160

  • )) القاموس المحیط : 1324 .
  • )) تاج العروس 7 : 410 .
  • )) المفردات فی غریب القرآن : 297 ـ 298 .
  • )) راجع الصحاح 3 : 1748، ولسان العرب 11: 390، والقاموس المحیط: 1324، وأقرب الموارد 1: 688 ـ 689 .
  • )) البحر المحیط 1 : 28 .
  • )) أقرب الموارد 1 : 688 ـ 689 .