سورة الفاتحة

علیٰ مسلک الفقیه والعالم النبیه

وعلیٰ مسلک الفقیه والعالم النبیه

‏ ‏

‏«‏إِهْدِنَا‏»‏‏ ووجِّهنا نحو الـهدایـة إلـیٰ ‏‏«‏ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏ وطریق‏‎ ‎‏الـنجاة وسبیل الـجنّـة، وهو الإسلام والإیمان باللّٰه وبرسولـه ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‎ ‎‏وبخلفائـه الـمعصومین ‏‏علیهم السلام‏‏، وأمّا سائر الاُمور فهی خارجـة عن الـمطلوب‏‎ ‎‏بهذه الآیـة الـکریمـة، فالمقصود علیٰ ما یظهر هی الـهدایـة إلـیٰ الاعتقادات‏‎ ‎‏الـصحیحـة، الـتی هی أصل کلّ شیء، وأمّا الـهدایـة إلـیٰ الأخلاق الـحسنـة‏‎ ‎‏أو الأفعال الـصحیحـة، فهو مطلب آخر؛ ضرورة أنّ الـطریق الـمستقیم‏‎ ‎‏الـمنتهی إلـیٰ الـجنّـة منحصر بذلک، ولا منافاة بین هذه الـهدایـة ـ أی‏‎ ‎‏الـهدایـة إلـیٰ الـتوحید الـذاتی والـعبادی، والـهدایـة إلـیٰ الاُصول‏‎ ‎‏الاعتقادیّـة الـناجیـة ـ وبین الابتلاءات فی الـطریق وتحمّل الـتبعات فی‏‎ ‎‏الـسبیل.‏

وقریب منه:‏ أنّ الـمطلوب بهذه الآیـة الـکریمـة هو نفس الاهتداء إلـیٰ‏‎ ‎‏«‏الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏، وأمّا الانتهاء بعد تلک الـهدایـة إلـیٰ منتهیٰ الـصراط،‏‎ ‎‏وهو الـنجاة من الـنار والـفوز بالجنّـة؛ حتیٰ یکون الـمطلوب هی الـمقدّمـة‏‎ ‎‏الـموصلـة، فهو غیر معلوم، بل الـمطلوب بها هی الـمقدّمـة الـمطلقـة، لا‏‎ ‎‏الـموصلـة، ولا حال الإیصال؛ حسب ما تحرّر فی الاُصول‏‎[1]‎‏، بل لـو قلنا‏‎ ‎‏بامتناع إیجاب الـمقدّمـة الـموصلـة أو الـمقدّمـة حال الإیصال یلزم امتناع‏‎ ‎‏طلب ذلک؛ لأنّ سر امتناعها غیر خفیّ علیٰ أهلـه، وهو مشترک بین کون الـبعث‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 140
‏إلـیٰ الـهدایـة بعثاً من الـعالی إلـیٰ الـدانی أو کان من الـدانی إلـیٰ الـعالی،‏‎ ‎‏ولا بین کون الـبعث إیجابیّاً أو کان إرشادیّاً، فعلیـه یتوقّف طلب الـقارئ‏‎ ‎‏الـکریم بعد وصولـه إلـیٰ ‏‏«‏الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏، ویکون من قبیل إراءة‏‎ ‎‏الـطریق، لا الإیصال إلـیٰ الـمطلوب.‏

وقریب منه:‏ أنّ معنیٰ ‏‏«‏إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏ ینحلّ إلـیٰ الـبعث‏‎ ‎‏إلـیٰ الـهدایـة من الـضلالـة، وإلـیٰ إدامـة الـهدایـة، ولا یکون ـ حتّیٰ‏‎ ‎‏بالنسبـة إلـیٰ الـشخص الـواحد بعثاً إلـیٰ الـهدایـة من الـضلالـة، فعند ذلک‏‎ ‎‏بعث واحد بداعیین: أحدهما الـسوق إلـیٰ الـهدایـة، والآخر الإبقاء علیها،‏‎ ‎‏وهذا لـیس من استعمال الـهیئـة فی الـمعنیین حتّیٰ یُتوهَّم امتناعـه، أو یُتخیَّل‏‎ ‎‏استبعاده واستهجانـه، کما مرّ تفصیلـه.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 141

  • )) تحریرات فی الاُصول 3 : 206 .