ومیـض
حول الاسم «الهادی»
اعلم: أنّ اسم «الـهادی» حسب تقسیم الـشیخ الـعربی من أسماء الأفعال، وحسب ما هو الـحقّ من أسماء الـذات فی اعتبار؛ لأنّـه من الـصفات الـکمالیّـة الـتی تعرضها، فإنّـه تعالیٰ بذاتـه الـهادی، وهو بذاتـه الـمهدیّ؛ لا باعتبار الأمر الـزائد علیها، کما هو الـعالم بذاتـه ومعلوم بذاتـه لذاتـه، وباعتبار آخر من أسماء الأفعال؛ لأنّـه بهدایتـه یهدی الـخلق من الـضلالـة؛ حسب أنحاء الـهدایات وأنواع الـضلالات، وسیأتی تحقیق بلیغ ـ إن شاء اللّٰه تعالیٰ ـ حول ملاک أسماء الـذات وأسماء الـصفات والأفعال فی سورة الـبقرة، وقد سبق أنّ أجملنا الـکلام حولـه.
ثمّ إنّ هذا الاسم من الأسماء الـمحاطـة تحت اسم «الـرحمن» و«الـرحیم»، فإنّ الـهدایـة تـترشّح من الـرحمـة بالخلق، ومظهره الأتمّ فی الـنشآت الـثلاث، هو الـرسول الأعظم صلی الله علیه و آله وسلم بالذات والأصالـة، والأئمّـة الـمعصومون ـ صلوات اللّٰه تعالیٰ علیهم أجمعین ـ بالتبع، وحیث إنّ الـهدایـة فی الـنشأة الـعینیّـة ظلّ الـهدایـة فی الـنشأة الـعلمیـة «وَمَنْ کَانَ فِی هَـٰذِهِ أَعْمَیٰ فَهُوَ فِی الاْخِرَةِ أَعْمَیٰ»، ویقول خواجـة عبداللّٰه الأنصاری: «همـه از
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 133
آخر کار میترسند من از اوّل»، فالهدایـة فی الآخرة وهذه الـدنیا تبع الـهدایـة فی الـنشأة الاُولیٰ والـدار الـعلیا، فهو تعالیٰ یهدی بفیضـه الأقدس ثمّ بفیضـه الـمقدّس. فالأعیان الـثابتـة الـعلمیّـة یترنّمون بألسنـة ذواتهم: «إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ»، وهذه الـرنمـة محفوظـة فی الـقوس الـنزولی إلـیٰ أن یصل الـسالک فی قوسـه الـصعودی وعند معراجـه الـروحانی، فیقول حال عروجـه: «إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ» بلسان الـمقال، وألسنـة الـمتوسّطـة لـسان الـحال.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 134