سورة الفاتحة

ومیض : حول الاسم «الهادی»

ومیـض

‏ ‏

‏حول الاسم «الهادی»‏

‏ ‏

‏اعلم: أنّ اسم «الـهادی» حسب تقسیم الـشیخ الـعربی من أسماء‏‎ ‎‏الأفعال‏‎[1]‎‏، وحسب ما هو الـحقّ من أسماء الـذات فی اعتبار؛ لأنّـه من‏‎ ‎‏الـصفات الـکمالیّـة الـتی تعرضها، فإنّـه تعالیٰ بذاتـه الـهادی، وهو بذاتـه‏‎ ‎‏الـمهدیّ؛ لا باعتبار الأمر الـزائد علیها، کما هو الـعالم بذاتـه ومعلوم بذاتـه‏‎ ‎‏لذاتـه، وباعتبار آخر من أسماء الأفعال؛ لأنّـه بهدایتـه یهدی الـخلق من‏‎ ‎‏الـضلالـة؛ حسب أنحاء الـهدایات وأنواع الـضلالات، وسیأتی تحقیق بلیغ ـ‏‎ ‎‏إن شاء اللّٰه تعالیٰ ـ حول ملاک أسماء الـذات وأسماء الـصفات والأفعال فی‏‎ ‎‏سورة الـبقرة، وقد سبق أنّ أجملنا الـکلام حولـه.‏

‏ثمّ إنّ هذا الاسم من الأسماء الـمحاطـة تحت اسم «الـرحمن»‏‎ ‎‏و«الـرحیم»، فإنّ الـهدایـة تـترشّح من الـرحمـة بالخلق، ومظهره الأتمّ فی‏‎ ‎‏الـنشآت الـثلاث، هو الـرسول الأعظم ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ بالذات والأصالـة، والأئمّـة‏‎ ‎‏الـمعصومون ـ صلوات اللّٰه تعالیٰ علیهم أجمعین ـ بالتبع، وحیث إنّ الـهدایـة‏‎ ‎‏فی الـنشأة الـعینیّـة ظلّ الـهدایـة فی الـنشأة الـعلمیـة ‏‏«‏وَمَنْ کَانَ فِی هَـٰذِهِ‎ ‎أَعْمَیٰ فَهُوَ فِی الاْخِرَةِ أَعْمَیٰ‏»‏‎[2]‎‏، ویقول خواجـة عبداللّٰه الأنصاری: «همـه از‏‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 133
‏آخر کار میترسند من از اوّل»‏‎[3]‎‏، فالهدایـة فی الآخرة وهذه الـدنیا تبع‏‎ ‎‏الـهدایـة فی الـنشأة الاُولیٰ والـدار الـعلیا، فهو تعالیٰ یهدی بفیضـه الأقدس‏‎ ‎‏ثمّ بفیضـه الـمقدّس. فالأعیان الـثابتـة الـعلمیّـة یترنّمون بألسنـة ذواتهم:‏‎ ‎‏«‏إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏، وهذه الـرنمـة محفوظـة فی الـقوس الـنزولی‏‎ ‎‏إلـیٰ أن یصل الـسالک فی قوسـه الـصعودی وعند معراجـه الـروحانی، فیقول‏‎ ‎‏حال عروجـه: ‏‏«‏إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏ بلسان الـمقال، وألسنـة‏‎ ‎‏الـمتوسّطـة لـسان الـحال.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 134

  • )) راجع إنشاء الدّوائر : 28 .
  • )) الإسراء (17) : 72 .
  • )) اُنظر «مجموعۀ مناجاتها ومقالات خواجة عبداللّٰه الأنصاری» ، المکالمة الاُولیٰ .