وعلیٰ مسلک أرباب التفسیر
«یُخَادِعُونَ الله َ»؛ أی عند أنفسهم وعلیٰ ظنّهم؛ بإظهار الإیمان وإبطان الـکفر لـیحقنوا دماءهم وأموالـهم.
وعن الـحسن وغیره: «یُخَادِعُونَ» رسول الله .
وقیل: «یُخَادِعُونَ الله َ»؛ أی یفسدون إیمانهم وأعمالـهم فیما بینهم وبین الله تعالـیٰ بالـریاء.
وقیل: کذا جاء مفسّراً عن الـنبیّ صلی الله علیه و آله وسلم وقد مرّت روایـة شریفـة فی
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 328
هذا الـمضمار فی الـبحث الـسابق.
أو یقال: «یُخَادِعُونَ الله َ» بقصدهم مخادعـة الله ، وهو أیضاً خادعهم؛ لأنّـه سبحانـه أیضاً یعاملهم معاملـة الـخادع بإیجاد ما فی صورة الـخدعـة، فیفعل بهم ما یظنّون أنّـه خیر لـهم، وهو فی الـحقیقـة شرّ لـهم.
وقریب منه: «یُخَادِعُونَ الله َ»، ومخادعـة الله بالـنسبـة الـیهم بإجراء أحکام الإسلام علیهم، والاکتفاء منهم فی الـدنیا بإظهاره وإن أبطنوا خلافـه، ومخادعـة الـمؤمنین لـهم کونهم ممتثلین أحکام الإسلام فی حقّهم، مع ما فیـه من سوء الـعاقبـة وعذاب الآخرة.
وقریب منه: «یُخَادِعُونَ الله َ» مجازاً ویخادعهم الله حقیقـة، ویخادعون الـمؤمنین حقیقـة ویخادعهم الـمؤمنون مجازاً، أو «یُخَادِعُونَ الله َ» مشاکلـة لخداع الله لـهم حقیقـة، «وَمَا یَخْدَعُونَ»أحداً أو شیئاً أو مؤمناً «إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا یَشْعُرُونَ» بأنّهم یخدعونها، أو بأنّ الله یعلم ما یسرّون وما یعلنون، أو باطّلاع الله نبـیّـه علیٰ خداعهم وکذبهم، أو هلاک أنفسهم وإیقاعها فی الـشقاء الأبدی بکفرهم ونفاقهم، أو لا یشعرون بشیء، أو «مَا یَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ» وهم غیر شاعرین بذلک.
وقریب منه: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بالله ِ وَبِالْیَوْمِ الاْخرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِینَ» الـذین «یُخٰادِعُون الله ...) الـیٰ آخره.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 329
وقریب منه: «یُخَادِعُونَ الله َ» علیٰ سبـیل الاستهزاء «وَالَّذِینَ آمَنُوا» أیضاً کذلک، وذلک ممّا لا یشعرون بأنّـه فی غیر محلّـه وراجع الـیٰ أنفسهم، فتکون الآیـة استهزاء بالـنسبـة الـیهم بالـحمل الـشائع، کما ستـتعرض الآیات الاُخرلاستهزائهم بالـحمل الأوّلی.
وقریب منه: «یُخَادِعُونَ الله َ» أی فلیخادعوا الله «وَالَّذِینَ آمَنُوا». وبعبارة اُخریٰ: إنّ الـذین قالـوا: ربّنا الله ، وقالـوا: آمنّا بالله وبالـیوم الآخر وهم غیر مؤمنین، فلیخادعوا الله بعد ذلک، ولکن لا یخدعون إلاّ أنفسهم ولا یشعرون، فیکون الأمر بالـخداع من باب الـتعجیز والاستهزاء. والله الـعالـم بالـحقائق.
وقریب منه: «یُخَادِعُونَ الله َ» حسب تسویلاتهم «وَالَّذِینَ آمَنُوا»، ومنهم الـرسول الأعظم والـولیّ الـمعظّم.
أو یقال: تکون الآیـة هکذا: یا أیّها الـذین آمنوا اعلموا أنّهم یخادعونکم، ولو کانت مخادعتهم الله نافعـة فخداعکم ینفع، ولیعلموا أنّ خُدعتهم ترجع علیهم وهم لا یشعرون.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 330