إشارة الآیة إلیٰ برهان الصدّیقین
من الـممکن أن تکون الآیـة معناها طلب إراءة الـطریق، أو طلب الإراءة والـتوفیق علیٰ تطرّقـه وتوصّلـه بالوصول إلـیـه، وعلیٰ کلّ ذلک یکون مطلوباً بالغیر ومقصوداً غیریّاً.
ومن الـممکن أن تکون الآیـة فی مقام إفادة أنّ الـمطلوب الـنفسی هو الـصراط الـمستقیم، ولیس شیء آخر وراءه مطلوباً بهذه الآیـة؛ وإن کان لـه مطلوب آخر، وهو ما یوصل إلـیـه هذا الـصراط والـسبیل الـمستقیم.
وهنا سرّ آخر غیر الأسرار الماضیة وهو : أنّ الآیـة ربّما تشیر إلـیٰ برهان الـصدّیقین ودلیل أرباب الـکشف والـیقین، وهو أسدّ الـبراهین وأقوم الـطرق
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 131
وأشرفها، وهو الـذی یکون الـوسط فی الـبرهان هو فی الـحقیقـة، ویکون الـطریقَ إلـیٰ الـمقصود، وهو عین الـمقصود، فما هو مطلوب الـسالک هی الـهدایـة إلـیٰ الـطریق والـصراط الـمستقیم، الـذی لا شیء وراءه؛ حتّیٰ یکون هو ذا الـصراط، ویکون الـسبیل والـطریق موصلاً إلـیـه، بل هو نفس الـطریق والـصراط «أَوَ لَمْ یَکْفِ بِرَبِّکَ أنَّهُ عَلَیٰ کُلِّ شَیْءٍ شَهِیدٌ».
وهذه الـطریقـة لا نسمّیها الـبرهان ـ لا لـمّیّاً ولا إنّیّاً ـ کما حرّرناه فی تعالیقنا علیٰ الأسفار الأربعـة؛ لأنّها من مشاهدة أربابها ومن کشفیّات أصحابها، فلا تمکُّن من تقریبها، ولو أمکن ذلک فهو من الـبرهان، مع أنّـه لا یُعَدّ برهاناً إلاّ تسامحاً.
فحذف متعلّق الـصراط الـمستقیم ربّما کان لأجل إفادة أنّـه لـیس وراء الـهدایـة إلـیـه هدایـة اُخریٰ، بل هی تمامها وکمالها. وللمقام تفصیل لا یسعـه الـکلام، وعنده مزلّـة الأقدام والأقلام.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 132