سورة الفاتحة

البحث السادس : حول الآیة والقول بالتفویض

البحث السادس

‏ ‏

حول الآیة والقول بالتفویض

‏ ‏

قیل:‏ هذه الآیـة ردّ علیٰ الـقدریّـة والـمعتزلـة والإمامیـة؛ لأنّهم‏‎ ‎‏یعتقدون أنّ إرادة الإنسان کافیـة فی صدور أفعالـه منـه؛ إطاعـة کانت أو‏‎ ‎‏معصیـة؛ لأنّ الإنسان خالق لأفعالـه، فهو غیر محتاج فی صدورها عنـه إلـیٰ‏‎ ‎‏ربّـه، وقد أکذبهم اللّٰه تعالیٰ فی هذه الآیـة؛ إذ سألوه الـهدایـة إلـیٰ الـصراط‏‎ ‎‏الـمستقیم، فلو کان الأمر إلـیهم والاختیار بیدهم ـ دون ربهم ـ لـما سألوه ذلک،‏‎ ‎‏ولا کرّروا الـسؤال فی کلّ یوم مرّات‏‎[1]‎‏. انتهیٰ.‏

أقول:‏ أمثال هذه الأقاویل کثیرة فی کُتب الـتفاسیر، ولا سیّما تفاسیر‏‎ ‎‏إخواننا الإسلامیّـة. وأنت خبیر ـ من غیر حاجـة إلـیٰ أن تکون فیلسوفاً ـ بما‏‎ ‎‏فی هذه الاساطیر من : عدم الـتهافت بین الـقول بالتفویض؛ وأنّ اللّٰه خالق‏‎ ‎‏الـخلق، والـخلق خالق أفعالهم، والـقول بأنّ اللّٰه تعالیٰ لا یمتنع علیـه‏‎ ‎‏الـتصرّف فی الاُمور، والـتدخّل فی أسباب الـسعادة بإیصال وسائل الـخیرات‏‎ ‎‏والـمبرّات.‏

‏هذا، والإمامیـة ـ وأنا منهم بحمد اللّٰه ولـه الـشکر ـ بریؤون من الـقول‏‎ ‎‏بالقدر والـتفویض؛ لأنّ أئمّتهم هدوهم ـ بعون اللّٰه ـ إلـیٰ الـصراط الـمستقیم‏‎ ‎‏والاعتقادات الـواقعیّـة الـصحیحـة، الـتی توافق أدقّ الـبراهین الـعقلیّـة‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 122
‏والـمشاهدات الـعرفانیّـة، ولقد أقرّ بأنّ الأمر بین الأمرین صاحب «تفسیر‏‎ ‎‏روح الـمعانی»‏‎[2]‎‏، وأنّ إرادة الـمخلوق لـیست مستقلّـة فی الـفاعلیّـة، وذلک‏‎ ‎‏لما کان یلاحظ کتب الإمامیـة فیما أتیٰ بـه، ولا سیّما کتاب صدر الـمتألّهین ‏‏قدس سره‏‎ ‎‏وقد أخذ منـه کثیراً من الـحقائق، فراجع.‏

‏نعم هذه الآیـة تشهد علیٰ أنّ الإنسان، یحتاج إلـیٰ الإمداد الـغیبی‏‎ ‎‏والإعداد الإلهی والاستعانـة والإعانـة الـربانیّـة.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 123

  • )) راجع الجامع لأحکام القرآن 1 : 149 .
  • )) روح المعانی 1 : 82 .