الوجه الحادی عشر
حول أنّ المخادعة علی الوجه الحقیقة أو المجاز؟
من مشکلات هذه الـکریمـة: أنّ مخادعتهم الله أو مخادعتهم الـمؤمنین: إمّا تکون علیٰ نعت الـحقیقـة أو الـمجاز ومخادعـة الله لـهم والـمؤمنین أیضاً کذلک، فإن کان الـکلّ علیٰ نعت الـحقیقـة أو الـمجاز، فربّما یشکل لـلزوم کون الـلفظـة الـواحدة فی الاستعمال الـواحد حقیقـة ومجازاً، وهو غیر معقول، والالتزام باستعمال الـلفظ الـواحد فی الـکثیر الـحقیقی والـمجازی، أکثر إشکالاً فی الـکتاب الإلهی الـخالـی عن هذه الـمحتملات والألغاز والـتعقیدات جدّاً.
فتعیّن علیٰ هذا: أن تکون الـمفاعلـة هنا بمعنیٰ فعل، کما هو کثیر ممّا عرفت أمثلتـه.
أقول: هذه الـمشکلـة من توابع ما توهّموه فی الاستعمالات الـمجازیـة، وهو استعمال الـلفظ فی غیر ما وضع لـه.
وأمّا علیٰ ما هو التحقیق الحقیق بالتصدیق: وهو أنّ الـمجاز من أنحاء الـتلاعب بالـمعانی دون الـلفظ، وأنّ الألفاظ فی جمیع الأحیان مستعملـة فی الـموضوع لـها، إلاّ أنّها تارة یُراد منها انتقال الـمخاطب الـیٰ الـمعانی الاُخر
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 311
الـقریبـة من تلک الـمعانی، الـتی هی الـمراد جدّاً لا استعمالاً، واُخریٰ یکون من باب الادّعاء والـتوسّع فی الـمعنیٰ الـحقیقی، فالـخدعـة فی کلّ واحد من الـلحاظین، مستعملـة فی معناها الـلغوی حسب الإرادة الاستعمالـیّـة، وإنّما الاختلاف فی الـمقاصد الـجدّیـة والـمرادات الـواقعیـة، فعندئذٍ لا منع من کونها حقیقـة ومجازاً؛ لأنّهما من أوصاف الـمعانی دون الألفاظ، فافهم واغتنم.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 312