سورة البقرة

الوجه الثانی : حول دلالة المخادعة علی الاشتراک

الوجه الثانی

‏ ‏

حول دلالة المخادعة علی الاشتراک

‏ ‏

‏قضیّـة باب الـمفاعلـة هی الـمشارکـة، فیکون الـمنافقون یخادعون الله ‏‎ ‎‏وهو خادعهم، مع أنّ الـخدعـة من الأوصاف الـمذمومـة أوّلاً، وأنّـه لـم یکن‏‎ ‎‏ـ حسب الـتاریخ ـ خداع من الله تعالـیٰ بالـنسبـة الـیهم ثانیاً.‏

ومن الممکن أن نقول:‏ إنّ الـخدعـة جواباً عن الـخدعـة لـیست‏‎ ‎‏مذمومـة، ولو کان الله تعالـیٰ یخادعهم فهو کان لـمّا خادعوا الله تعالـیٰ.‏

‏ویشهد لـذلک ما ذُکِر فی محلّـه: أنّ الـمفعول الـمذکور بعد الـمفاعلـة‏‎ ‎‏هو الـفاعل ثانیاً؛ أی هو الـمفعول بـه بالأصالـة والـفاعل بالـتبع، بخلاف‏‎ ‎‏باب الـتفاعل، فإنّ کلّ واحد من الـطرفین فاعل بالأصالـة، ولذلک یذکر بشکل‏‎ ‎‏الـفاعل، فنقول: تضارب زید وعمرو، فهم الـخادعون أوّلاً وبالأصالـة، وهو‏‎ ‎‏خادعهم تبعاً وردّاً لـفعلهم، فلیس کلّ خدعـة مذمومـة، وقد ورد: ‏«أنّ الحرب‎ ‎خُدعة»‎[1]‎‏. ‏هذا أوّلاً.


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 303
وثانیاً:‏ قد مرّ إنکارنا لـکون الـمفاعلـة لـلمشارکـة علیٰ الإطلاق، وقد‏‎ ‎‏فصّلنا بین موارد استعمالـها‏‎[2]‎‏.‏

وثالثاً:‏ إنّ خداع الله تعالـیٰ أیضاً معناه إظهار ما فی قلوبهم من الـکید‏‎ ‎‏والـمکر، مع عدم اطّلاعهم علیٰ اطّلاع الـمؤمنین علیٰ سوء حالـهم، فعندئذٍ‏‎ ‎‏یصحّ أن یقال: إنّ الله تعالـیٰ خادعهم.‏

ورابعاً:‏ إنّ حقیقـة الـخدعـة والـمکر أخذه تعالـیٰ بتبعات أعمالـهم‏‎ ‎‏وملکات أفعالـهم من غیر اطّلاعهم علیٰ أنّ هذه الـخدعـة ترجع علیهم،‏‎ ‎‏وراجعـة علیٰ أنفسهم.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 304

  • )) النهایة، ابن الأثیر 2 : 14 ، بحار الأنوار 20 : 246 / 11 .
  • )) راجع سورة البقرة الآیة التاسعة، المسألة الثانیة من مسائل اللغة والصرف.