سورة الفاتحة

إیقاظ علمیّ: حول طلب الهدایة

إیقاظ علمیّ: حول طلب الهدایة

‏ ‏

‏اعلم أنّ الـمحرّر فی الاُصول لـدینا: أنّ الـهیئـة موضوعـة لـلتحریک‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 89
‏الاعتباری‏‎[1]‎‏، فلیس الـتحریک والـبعث من الـدواعی، بل الـدواعی تکون‏‎ ‎‏خارجـة عن الـموضوع لـه، فإذا قال:‏‏«‏إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏ فهو‏‎ ‎‏بالنسبـة إلـیٰ حدوث الـهدایـة وإحداثها بعثٌ، وأمّا بالنسبـة إلـیٰ إدامـة‏‎ ‎‏الـهدایـة وإبقائها فلایکون بعثاً، بل هو من الـدواعی، کداعی الـتعجیز إذا بعث‏‎ ‎‏بقولـه: ‏‏«‏فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ‏»‏‎[2]‎‏ إلـیٰ الإتیان بها، فإنّـه بعث إلـیٰ الـمادّة‏‎ ‎‏بداعی الـتعجیز، ولا یکون هذا الـبعث واقعیّاً؛ أی موافقاً لـلجدّ، وإلاّ فهو موافق‏‎ ‎‏للاستعمال؛ أی لـلإرادة الاستعمالیّـة، ولا یلزم الـمجازیّـة.‏

‏فعلیٰ هذا لا یلزم أن یکتفی الـقارئ ـ فی طلب الـهدایـة ـ أن یبعث‏‎ ‎‏مولاه إلـیٰ إحداثها أو إدامتها، فإذا کان من الـضالّین والـمضلّین فطلب‏‎ ‎‏الـهدایـة حقیقیّ، وإذا کان من الـمهتدین فطلبُها بالنسبـة إلـیٰ الـمرتبـة‏‎ ‎‏الـموجودة لـه غیرُ حقیقیّ، ویکون بداعی إبقائها.‏

‏بل لـه أن یلاحظ الأمرین: أصل الـهدایـة وکمالها، فیطلب ویبعث مولاه‏‎ ‎‏نحو أصل الـهدایـة من الـضلالـة ونحو إبقائها؛ من غیر لـزوم کون الـهیئـة‏‎ ‎‏مستعملـة فی الأکثر من واحد.‏

‏وربّما یمکن توهّم امتناع ذلک؛ لأنّـه لا معنیٰ لاعتبار الـبقاء والـدوام إلاّ‏‎ ‎‏بعد حدوثها، فلابدّ وأن تحدث الـهدایـة أوّلاً ولو إنشاءً، ثمّ یعتبر بقائها. ولکنّـه‏‎ ‎‏مغبون عند الـتحقیق؛ لأنّ الاعتبار خفیف الـمؤونـة، فلاحظ وتدبّر جیّداً.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 90

  • )) راجع تحریرات فی الاُصول 2 : 77 وما بعدها.
  • )) البقرة (2) : 23 .