سورة الفاتحة

القراءة واختلافها

القراءة واختلافها

‏ ‏

‏1 ـ لا شبهـة فی جواز إظهار الـهمزة وإسقاطها فی الـکلام بوصل‏‎ ‎‏الـجملـة إلـیٰ الـجملـة الـسابقـة؛ لأنّها همـزة الـوصل، وإذا أظهرها‏‎ ‎‏یکسرها؛ لانّـه الأمر علیٰ وزن اضرب، فیقول: ‏‏«‏إِهْدِنَا‏»‏‏، وفی جواز إظهارها‏‎ ‎‏ـ بعـدما أظهـر إعـراب الـنون من قولـه: ‏‏«‏نَسْتَعِینُ‏»‏‏ ـ وعدمـه وجهان،‏‎ ‎‏الـمعروف هو الـثانی.‏

‏2 ـ الـظاهر عدم جواز إظهار الـیاء، وأمّا إمالـة الـکسرة إلـیٰ جانب‏‎ ‎‏الـیاء فهو غیر بعید جوازه، ولم یظهر لـی بعدُ تعرّضهم لـذلک ولو کان إظهارها‏‎ ‎‏غیر منافٍ لآداب الـعربیّـة بعد ما لـم یکن مضرّاً بالمقصود، فجوازه قریب، إلاّ‏‎ ‎‏أنّ ما تعارف من الـقراءة هو الـمتواتر منها وجواز الـعدول عنـه إلـیٰ غیره‏‎ ‎‏یحتاج إلـیٰ الـدلیل؛ لأنّـه معناه الـخروج عن الـتنزیل والـوحی.‏

‏3 ـ والـجمهور علیٰ قراءة «الـصراط» بالصاد، وهی لـغـة قریش‏‎[1]‎‏.‏


کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 81
‏4 ـ وعن ابن کثیر عن یعقوب قراءتـه بالسین.‏

‏5 ـ وعن حمزة إشمام الـصاد زاءً.‏

‏6 ـ وروی عن أبی عمرو: أنّـه قرأ «إِهْدِنَا الزراطَ الْمُسْتَقِیمَ» بالزاء‏‎ ‎‏الـخالصـة.‏

‏7 ـ وقیل: رویٰ الـکسائی عن حمزة بالزاء، وسائر الـرواة رووا عن أبی‏‎ ‎‏عمرو «الـصراط» وقال ابن مجاهد، قرأ ابن کثیر بالصاد، واختلف عنـه، وقیل:‏‎ ‎‏قرأ یعقوب الـحضرمی بالسین، هکذا فی «الـلسان»‏‎[2]‎‏.‏

‏وفی الـعُباب: وقرأ حمزة بن حبیب فی روایـة الـفرّاء عنـه، وعن‏‎ ‎‏الـکسائی فی روایـة ابن ذَکْوان عنـه، وعن عاصم فی روایـة مجالد بن سعید‏‎ ‎‏عنـه: ‏‏«‏إِهْدِنَا‏»‏‏بالزاء الـخالصـة الـصافیـة من غیر إشمام.‏

‏فعلیٰ هذا یلزم ـ حسب مذهب بعض فقهائنا ـ جواز کلّ هذه الـقراءات؛‏‎ ‎‏لعدم الاحتیاج إلـیٰ الـتواتر فی جوازها، ویکفی عدم الإخلال بالمعنیٰ مع‏‎ ‎‏الـموافقـة لـلقواعد لـجوازها.‏

‏وأنت قد عرفت سابقاً ممنوعیّـة الـتجاوز عمّا فی أیدینا، وإلاّ یلزم جواز‏‎ ‎‏تبدیل «الـصراط» بالسبیل والـطریق؛ لأنّ قراءة کلّ أحد إذا کانت کافیـة‏‎ ‎‏لکانت قراءتنا أیضاً کافیـة، فتبدیل الـصراط بالسراط کتبدیلـه بالسبیل حسب‏‎ ‎‏ما تحرّر.‏

‏7 ـ فی جواز الـوقف علیٰ ‏‏«‏إِهْدِنَا‏»‏‏ بإظهار همزة «ألصِّراط» وعدمـه،‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 82
‏وهکذا إظهار همزة «ألْمُستقیم» وعدمـه، وجهان، بل قولان من : أنّـه خروج‏‎ ‎‏عن الـمتعارَف فی الـقراءات ولَحن عُرفاً، ومن أنّـه لا یضرّ بالمعنیٰ، ولیس من‏‎ ‎‏موارد الـممنوعیّـة وقفاً.‏

‏وهنا ثالث الأقوال وهو : أنّـه لا یجوز ذلک ابتداءً، فیقرأ هکذا: «إِهْدِنَا ـ‏‎ ‎‏ألصِّرَاطَ ـ أَلْمُسْتَقِیمَ»، ولکنّـه إذا فرغ من الـقراءة ثمّ توجّـه إلـیٰ أنّـه أخلّ‏‎ ‎‏بحرف فی الـکلمـة الأخیرة، فیجوز لـه أن یعیدها من غیر إعادة الـموصوف،‏‎ ‎‏أو احتمل الإخلال بالموصوف، فأعاده مع وصفـه من غیر إعادة الـجملـة‏‎ ‎‏الـسابقـة، وهی ‏‏«‏إِهْدِنَا‏»‏‏.‏

‏بل جاء فی بعض الـمتون الـفقهیّـة: إذا انقطع نَفَسُهُ فی مثل ‏‏«‏الصِّرَاطَ‎ ‎الْمُسْتَقِیمَ‏»‏‏ بعد الـوصل بالألف والـلام وحذف الألف، هل یجب إعادة الألف‏‎ ‎‏والـلام؛ بأن یقول: «أَلْمُسْتَقِیمَ»، أو یکفی قولـه: مُسْتَقِیمَ؟ الاحوط الأوّل،‏‎ ‎‏وأحوط منـه إعادة «الصِّرَاطَ» أیضاً، وکذا إذا صار مدخول الألف والـلام غلطاً،‏‎ ‎‏کأن صار «مستقیم» غلطاً، فإذا أراد أن یُعیده فالأحوط أن یعید الألف والـلام‏‎ ‎‏أیضاً؛ بأن یقولـه: «أَلْمُسْتَقِیمَ»، ولا یکفی قولـه: «مُسْتَقِیمَ»‏‎[3]‎‏. انتهیٰ.‏

‏8 ـ حکی عن زید بن علی والـحسن والـضحاک قراءتـه هکذا: «إِهْدِنا‏‎ ‎‏صِراطاً مُستقیماً».‏

‏9 ـ ونُسب إلـیٰ الـصادق ‏‏علیه السلام‏‏ «صِرَاطَ الْمُسْتَقِیمِ» بالإضافـة‏‎[4]‎‏.‏

‏وفی الـنسبـة تأمّل جدّاً، بل ممنوع قطعاً، ومجرّد کونـه فی بعض‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 83
‏الأخبار غیرُ کافٍ لـصحّتها، فکم من خبر سقیم نُسب إلـیٰ أهل بیت‏‎ ‎‏الـنبوّة ‏‏علیهم السلام‏‏ظنّاً أنّ ذلک إسقاط لـحقِّهم وحطّ لـقدرهم. واللّٰه ولیّهم الـحقّ.‏

‏10 ـ وعن ثابت الـنباتی: «بصِّرنا الـصراط»، هکذا حکاه أبو حیان‏‎[5]‎‏،‏‎ ‎‏ولعلّـه خلط بین تفسیر «إِهْدِنَا» والـقراءة. واللّٰه الـعالم.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 84

  • )) راجع فی هذه الأقوال واختلاف القراءات إلیٰ البحر المحیط 1 : 25 ، وروح المعانی 1 : 86 .
  • )) راجع لسان العرب 7 : 340 .
  • )) راجع العروة الوثقیٰ 1 : 502 .
  • )) البحر المحیط 1 : 27، روح المعانی 1 : 88 .
  • )) البحر المحیط 1 : 27 .