سورة البقرة

المسألة الاُولیٰ : حول کلمة «یخادعون»

المسألة الاُولیٰ

‏ ‏

حول کلمة «یخادعون»

‏ ‏

‏خَدَعـه یخدَع بالـفتح، ویُکسر کما عن أبی زید، وهو قول نادر.‏

‏خادَعَـه ـ کخَدَعـه ـ مُخادعةً وخِداعاً، وهو أن یتحیّـلـه، ویرید بـه‏‎ ‎‏الـمکروه من حیث لا یعلم‏‎[1]‎‏.‏

‏وفی غیر «الـصحاح»: الـخَدْع: إظهار خلاف ما تُخفیـه‏‎[2]‎‏. وفی‏‎ ‎‏«الـمفردات» و«الـبصائر»: الـخِداع: إنزال الـغیر عمّا هو بصدده بأمر یُبدیـه‏‎ ‎‏علیٰ خلاف ما یُخفیـه‏‎[3]‎‏.‏

‏وقیل: أصلـه الإخفاء، ومنـه سُمّی الـبـیت الـمُفرد فی الـمنزل‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 287
‏«مَخْدعاً»؛ لتستّر أهل صاحب الـمنزل فیـه. ومنـه الأخدعان، وهما الـعِرْقان‏‎ ‎‏الـمستبطنان فی الـعُنُق. وسُمّی الـدهر خادعاً؛ لـما یُخفی من غوائلـه‏‎[4]‎‏.‏

‏وقیل: أصلـه الـفساد. هذا ما حکاه الـثعلب عن ابن الـعربی‏‎[5]‎‏.‏

‏وعن ابن عبّاد الـطالـقانی ‏‏رحمه الله‏‏ وخَدَعت الاُمور اختلفت‏‎[6]‎‏.‏

‏وعن الـلحیانی: خَدَعت الـعین غارت‏‎[7]‎‏، وقیل: غابت، وخدعت‏‎ ‎‏الـسوق کسدت أو قامت‏‎[8]‎‏، وعن الـصاغانی: الـخداع الـمنع والـحیلـة‏‎[9]‎‏.‏

‏والـذی فی «الـلسان» عن ابن الأعرابی: الـخدع منع الـحقّ، والـختم‏‎ ‎‏منع الـقلب من الإیمان‏‎[10]‎‏. انتهیٰ ما فی الـلغـة مادّة وهیئـة.‏

‏وأمّا تفصیل الـقول فی الـهیئـة فیأتی فی الـمسألـة الآتیـة.‏

وأمّا التحقیق فی المادّة:‏ فالـذی یجب الـتنبـیـه علیـه: أنّ فی فهم‏‎ ‎‏الـلغـة لابدّ من رفض الـقیود الـراجعـة الـیٰ مقتضیات الـمذاهب ولوازم‏‎ ‎‏الاعتقادات، ومع الأسف إذا راجعنا الـکتب حتّیٰ الـکتب الـلُّغویـة، نجد کثیراً‏‎ ‎‏ما وقع الاختلاط الـکثیر بین وجوه الـلغـة ومزایا الـمسالـک، فوقعوا فی‏‎ ‎‏تفسیر لـغـة الـخدعـة ـ مثلاً ـ علیٰ جهـة تصحیح نسبـة الـمعنیٰ الـیـه‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 288
‏تعالـیٰ وتقدّس، وهذا من الـخبط جدّاً، ومن الإغراء بالـباطل حقّاً.‏

وبالجملة:‏ الـخداع والـخدعـة بتثلیت الـخاء، وفی «الـصحاح» الـفتح‏‎ ‎‏أحسن‏‎[11]‎‏، وعن الـثعلب بلغنا أنّها لـغـة الـنبی ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‎[12]‎‏، ونسب الـخطابی‏‎ ‎‏الـضمّ الـیٰ الـعامّـة، وقال: رواه الـکسائی وأبو زید کهمزة‏‎[13]‎‏.‏

‏وعلیٰ کل تقدیر: من ملاحظـة موارد استعمالـه، ومن الاطّراد الـذی هو‏‎ ‎‏من أمارات الـحقیقـة فقط، یعلم أنّها الـتسبـیب الـیٰ نیل الـهدف متشکّلاً‏‎ ‎‏بشکل الـسبب وبأشکال مختلفـة غیر حقیقیّـة، ویشترک فیها الإنسان‏‎ ‎‏والـحیوان.‏

‏وبناء علیٰ هذا الـتفسیر تکون الـخدعـة من الأوصاف الـمذمومـة،‏‎ ‎‏ویشهد لذلک الـتبادر وعدُّها فی الـکتب الأخلاقیـة من الـذمائم الـنفسانیـة‏‎ ‎‏والـیٰ ما ذکرنا یرجع الـتعابیر الاُخر، مثل: أنّها إظهار الإحسان وإبطان الإساءة،‏‎ ‎‏أو إظهار الـموافقـة وإبطان الـمخالـفـة.‏

‏وربّما یتوهّم: أنّ الـخدعـة من الـصفات الـنفسانیـة من غیر ارتباطها‏‎ ‎‏بالـخارج، مع أنّ الـمؤمن یُدرک طریق الـخدعـة والـتدلیس والـحیلـة‏‎ ‎‏والـمکر؛ من غیر کونـه خادعاً. فالـخادع هو الـذی یُنجّز ویُنفّذ ما یدرکـه؛‏‎ ‎‏لـنیل مرامـه علیٰ الـطریقـة غیر الـمشروعـة؛ متشکّلـة بشکل الـحقّ‏‎ ‎‏والـصدق.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 289

  • )) راجع تاج العروس 5 : 312 .
  • )) راجع لسان العرب 8 : 63، وتاج العروس 5 : 312 .
  • )) راجع المفردات فی غریب القرآن: 143، وتاج العروس 5 : 312 .
  • )) راجع البحر المحیط 1 : 52 .
  • )) راجع لسان العرب 8 : 65، والجامع لأحکام القرآن 1 : 196 .
  • )) تاج العروس 5 : 312 .
  • )) نفس المصدر .
  • )) تاج العروس 5 : 313 .
  • )) تاج العروس 5 : 314 .
  • )) راجع لسان العرب 8 : 65 .
  • )) راجع الصحاح 3 : 1202 .
  • )) راجع تاج العروس 5 : 312 .
  • )) نفس المصدر .