علیٰ مسلک الخبیر البصیر ومشرب النقّاد الرفیع

‏‏وعلیٰ مسلک الخبیر البصیر ومشرب النقّاد الرفیع‏

‏‏ ‏

‏‏أنّ الآیات الاُوَل أربعـة منها تضمّنت توضیح أحوال الـمتّقین وقد‏‎ ‎‏استفتحت سورة الـبقرة علیٰ عِظَمها وکبرها بحال الـمتّقین قضاءً لشرافتهم‏
‏‎

‏‏وأمّا الطائفة الثالثة:‏‏ وهم الـمنافقون، فهم أرذل الـناس قدراً وأخسرهم‏‎ ‎‏حالاً، فتأخّرت الآیات الـمشتملـة علیٰ أحوالـهم، وبلغ عددها الـیٰ ثلاثـة‏‎ ‎‏عشر إشارة الـیٰ أنّ سوء حالـهم لا یظهر فی ضمن آیـة أو آیات، وإیماءً الـیٰ‏‎ ‎‏نحوستهم وخسرانهم وشقاوتهم، وخلوّهم عن جمیع الـمحاسن الإنسانیـة،‏‎ ‎‏الـتی منها الـصراحـة والـوضوح الـمعلوم من حال الـکفّار دونهم.‏

‏‏ولعلّ اشتهار عدد الـثلاثـة عشرة بالـنحوسـة بین جمع من الـناس کان‏‎ ‎‏منشؤه ذلک. واللّٰه الـعالـم.‏

‏‏ثمّ إنّ الـخبـیر الـبصیر یطّلع ـ بعد ما تبـیّـن منّا فیما سلف ـ علیٰ أنّ‏‎ ‎‏الـمسالـک الـمزبورة لا تنافی بینها فی الـکتاب الـکلّی الإلهی، والـمشارب‏‎ ‎‏الـمذکورة لا تَضادَّ یُتراءیٰ منها فی هذا الـدفتر الـسماوی، بل کلٌّ یشرب من‏‎ ‎‏هذه الـشِّرعـة علیٰ قدر وسعـه من غیر أن ینقص منـه شیء، أو أن یصل أحد‏‎ ‎‏الـیٰ مغزاه ومخّـه، والـیٰ حقیقتـه ورقیقتـه ومرامـه.‏

‏‏وما یخطر بالبال فیقال:‏‏ بأنّ الآراء الـمشار الـیها والأقوال الـمومیٰ لها،‏‎ ‎‏غیر قابلـة لأن تجتمع فی قالَب وحدانی، فإنّ الألفاظ والـقوالب تقصر عن‏‎ ‎‏تحمّل الـقلوب الـکثیرة، و‏‏«‏‏مَا جَعَلَ اللّٰهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَیْنِ فِی جَوْفِهِ‏‏»‏‎[1]‎‎ ‎‏وقالـبـه، محکوم وسخیف جدّاً؛ بأنّ الـقالَب الإلهی عارٍ عن الـتعیّـن الـخاصّ‏
‏‎

‏
‏‎

‏‎ ‎

‏‎

• )) الأحزاب (33) : 4 .