کتاب البیع

تتمیم: حول الاستدلال بآیة التجارة علیٰ صحّة المعاطاة

تتمیم: حول الاستدلال بآیة التجارة علیٰ صحّة المعاطاة

‏ ‏

‏قصور الآیتین عن شمولها لایلازم قصور آیـة الـتجارة‏‎[1]‎‏ عنـه؛ لأنّ‏‎ ‎‏ظاهرها هو أنّ الـمیزان لصحّـة الأکل وجوازه، هی الـتجارة غیر الـمنطبق‏‎ ‎‏علیها عنوان «الـباطل» وتکون حقّاً، والـمعاطاة تجارة عرفیّـة عقلائیّـة،‏‎ ‎‏ولیست باطلاً عند الـعقلاء.‏

‏بل الـظاهر منها أنّ الـمدار علی الـحقّ والـباطل، ولا خصوصیّـة‏‎ ‎‏لباب الأموال والـمعاملات والـعقود والإیقاعات، فما هو الـحقّ هو‏‎ ‎‏الـممضیٰ، وماهو الـباطل منهیّ بها؛ لأنّ وجـه الـنهی عن الأکل والـتصرّفات‏‎ ‎‏بإطلاقها هو الـبطلان عرفاً، لا الأمر الآخر، ویصیر عرفاً وجـه الـتجویز‏‎ ‎‏کونها حقّاً؛ سواء کانت تجارة، أو نکاحاً.‏

‏وربّما یخطر بالـبال قصورها؛ لما فیها من الاحتمالات الـکثیرة‏‎ ‎‏الـناشئـة من اختلاف الـقراءة رفعاً ونصباً فی لفظـة «الـتجارة» ومن‏‎ ‎‏اختلاف الآراء فی کون الاستثناء منقطعاً، أو متّصلاً.‏

‏ومن أنّها علیٰ فرض کونها منصوبـة، تکون خبراً، أو قائمةً مقامـه؛ أی‏‎ ‎‏یصیر الـمعنیٰ «إلاّ أن تکون الـتجارة تجارة عن تراضٍ» أو «أن تکون‏‎ ‎‏الأموال أموال تجارة».‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.۱)صفحه 46
‏ومن اختلافهم فی أنّ «الـباء» للسببیّـة أو لغیرها، وفی أنّ «الأکل»‏‎ ‎‏کنایـة عن الـتصرّف، أو هو الـمقصود مع قصد الـتصرّفات، وبلا قصدها، أو‏‎ ‎‏یکون الـغرض الـنهی عن الـتملّک بالـباطل، کالـقمار، والـسرقـة،‏‎ ‎‏والـخیانـة‏‎[2]‎‏.‏

‏هذا مع أنّ مقتضیٰ قراءة الـرفع، کون جملـة الـمستثنیٰ مستقلّـة؛ لما أنّ‏‎ ‎‏الاستثناء منقطع.‏

‏وأمّا علیٰ أن یکون متّصلاً، فیشکل تصحیح الآیـة إعراباً، إلاّ علیٰ أن‏‎ ‎‏یقال: بأنّ الـمحذوف کلمـة «الأموال»‏‎[3]‎‏ وهی الاسم، وقد حذفت لعدم‏‎ ‎‏خصوصیّـة لها، ولدعویٰ: أنّ الـتجارة هی الأموال، أو لأجل انتقال‏‎ ‎‏الـمخاطب إلـی أنّ تمام الـموضوع هی الـتجارة؛ وإن وقعت علیٰ ما یقابل‏‎ ‎‏الأموال، کالـحقوق مثلاً، بناءً علیٰ أنّ الـظاهر من «الأموال» هی الأعیان، أو‏‎ ‎‏هی والـمنافع.‏

‏فحینئذٍ کیف یمکن استفادة الـحکم منها مع هذه الـوجوه الـکثیرة؟!‏

وتوهّم:‏ أنّـه یمکن الاستدلال لصحّـة الـمعاطاة علیٰ جمیع الـوجوه‏‎ ‎‏الـممکنـة‏‎[4]‎‏، فاسد؛ ضرورة أنّ بناء الـعقلاء علیٰ عدم الـعمل بمثل هذه‏‎ ‎‏الـظواهر غیر الـمعلوم منها مراد الـمتکلّم، لا الـعمل بالـقدر الـمتیقّن فیها،‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.۱)صفحه 47
‏کما لایخفیٰ.‏

أقول:‏ تکثیر الـوجوه لایوجب سقوط الـظواهر، إلاّ إذا تردّد الأمر، ولم‏‎ ‎‏یتمکّن من تعیـین ماهو الـظاهر.‏

‏ولعمری، إنّ الآیـة ظاهرة فی الاستثناء الـمنقطع؛ لأنّ الـباطل بذاتـه‏‎ ‎‏ممنوع، ولیس قابلاً للإمضاء، وجعلُ جملـة ‏‏«‏بِالْبَاطِلِ‏»‏‏ علّةً للنهی، خروجٌ‏‎ ‎‏عن الـظاهر؛ فإنّها من متعلّقات الـفعل الـناقص، ویکون الـمقصود طریق‏‎ ‎‏الـباطل والـسبب الـساقط، فیصیر ظاهر الآیـة الـنهی عن أکل الأموال‏‎ ‎‏بالـوجوه الـباطلـة، إلاّ أن تکون الأموال من تجارة عن تراضٍ، فالـنّصب‏‎ ‎‏علیٰ حذف کلمـة الـجارّ، وإذا کانت الـمعاطاة من الـتجارة، ولم تکن‏‎ ‎‏باطلـة، تصیر صحیحـة ونافذة.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.۱)صفحه 48

  • )) النساء (4): 29.
  • )) لاحظ التبیان فی تفسیر القرآن 3: 178، مجمع البیان 3: 58 ـ 59، زبدة البیان: 427.
  • )) البیع، الإمام الخمینی قدس سره 1: 65.
  • )) البیع، الإمام الخمینی قدس سره 1: 64.