سورة الفاتحة

المسألة الثالثة : حکم أخذ الواسطة فی العبادة

المسألة الثالثة

‏ ‏

حکم أخذ الواسطة فی العبادة

‏ ‏

‏قد عرفت منّا فیما سبق جواز الإنشاء بالقراءة وفی الـصلاة، وأنّ‏‎ ‎‏الـسالک لـه أن یحمد اللّٰه ویمدحـه، ویخاطبـه ویُبرز ما فی ضمیره، ویظهر ما‏‎ ‎‏فی قلبـه ودرکـه بتلک الـجمل الـشریفـة الإلهیّـة الـقرآنیّـة.‏

‏وأیضاً قد سبق أن أشرنا: إلـیٰ أنّ الـمخاطبـة بمعناها الـحرفی، وهو‏‎ ‎‏إیجاد الـخطاب إلـیٰ الـغیر یستـتبع تصویر الـمخاطب، ولا یُعقل خلاف ذلک،‏‎ ‎‏لا فی الـشعر ولا فی الـنثر، لا فی الـنوم ولا فی الـیقظـة، فجمیع الـخطابات‏‎ ‎‏تستعقب الـمخاطبات الـمرسومـة فی الـنفوس.‏

‏فعند ذلک فهل تـتعلّق الـعبادة والاستعانـة بذلک، أم تکون تلک الـصورة‏‎ ‎‏فانیـة فی الـخارج، ویؤخذ اسماً وحاکیاً ومرآة لـما فیـه، ومسلکاً وسبیلاً‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 56
‏وطریقاً إلـیـه من غیر کونها منظوراً فیـه؟ فإذا صحّ أن نرسل عبادتنا بالواسطـة‏‎ ‎‏إلـیٰ الـخارج، ویقع الـخارج موردها حقیقـة ومعبودنا واقعاً، فتلک الـواسطـة‏‎ ‎‏کما یمکن أن تکون الـصور الـوهمیّـة والـمفاهیم الـذهنیّـة الـحاکیـة‏‎ ‎‏الـفانیـة، فهل یصحّ أن تکون غیرها، فیجوز رسمها فی الـنفس حکایـة من‏‎ ‎‏الـخارج ومن الـمعبود الـحقیقی، أم لا یصحّ؟ وجهان.‏

والحقّ‏ أنّ الـنفوس الـضعیفـة لا تـتمکّن من إمرار عملها إلـیٰ خارجها‏‎ ‎‏وإلـیٰ محاکاتها فی الـعین؛ أی تقصر عن الأخذ بها وسیلـة وواسطـة وفانیـة،‏‎ ‎‏فلابدّ من منعها عنها. نعم إذا تمکّنت نفس من هذه الـرقیقـة؛ بحیث یکون عنده‏‎ ‎‏کلمـة «اللّٰه» وصورة موجود خارجیّ واحدةً فی الاسمیّـة، أو تکون الـصورة‏‎ ‎‏الـعینیّـة أقویٰ من تلک الـکلمـة، فلا دلیل شرعاً علیٰ منعها، ولعلّ الأمر بجعل‏‎ ‎‏أحد الأئمـة نصب الـعین ـ کما قیل‏‎[1]‎‏ ـ محمول علیٰ هذه الـمواقف، وناظر‏‎ ‎‏إلـیٰ تلک الآحاد والأفراد، والـمسألـة مع ذلک کلّـه عندی مشکلـة جدّاً؛‏‎ ‎‏لاستیحاش الـناس من مثلـه، واللّٰه هو الـمحیط.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 57

  • )) اُنظر الفقه المنسوب إلیٰ الرضا علیه السلام: 105 .