الدقیقة السادسة
حول الأسفار الأربعة المعنویة
اعلم أنّ لـلإنسان غیر هذه الـسفرة الـمادّیّـة، سفرة معنویّـة، وهذه الـسفرة فی لـحاظ واعتبار تنقسم إلـیٰ أربعـة:
الاُولیٰ: من الـخلق إلـیٰ الـحقّ، وبدایتـه من الـنفس إلـیٰ الـوصول إلـیٰ الاُفُق الـمبین، وهو نهایـة مقام الـقلب ومبدأ الـتجلّیات الأسمائیّـة.
الثانیة: هو الـسیر فی اللّٰه ـ بالاتّصاف بصفاتـه والـتحقّق بأسمائـه ـ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 48
إلـیٰ الاُفُق الأعلیٰ ونهایـة الـحضرة الـواحدیّـة.
الثالثة: هو الـترقّی والـسیر إلـیٰ عالَم الـجمع والـحضرة الأحدیّـة، وهو مقام «قاب قوسین»، فلا تبقیٰ الاثنینیـة، فإذاً یطلع مقام «أو أدنیٰ»، وهی نهایـة الـولایـة.
الرابعة: هو الـسیر باللّٰه من اللّٰه إلـیٰ الـخلق لـلتکمیل، وهو مقام الـبقاء بعد الـفناء والـفرق بعد الـجمع. إنتهیٰ ما قیل. ولنا تفصیل فی هذه الأسفار، مسطورة فی کتابنا «الـقواعد الـحکمیـة»، ربّما تأتی الـمناسبـة الأقویٰ فنذکرها، وهو غیر هذا.
وبالجملة: الـغرض بیان: أنّ الـسالک ـ بعد الـسفرات الـثلاث، تحت الأسماء الإلهیّـة، وهی «الـربّ والـرحمٰن والـرحیم ومالک یوم الـدین» ـ شرع فی الـسفرة الأخیرة، وهو الـحضور والإشعار بـه، والـرجوع إلـیٰ الـکثرة بعد اضمحلالها، والـعدول إلـیٰ الـخلق بعد الـفناء فی الـحقّ، وهی الـسفرة الـرابعـة، وفی تلک الـسفرة یدعو اللّٰه مخلصاً، ویرید منـه أن یُبقیـه علیٰ حالـه، وهو الـصراط الـمستقیم وصراط الـمنعَّمین.
ثمّ ینفی سائر الـطرق الـثلاثـة: الـمغضوب علیهم والـضالّین والـفانین الـغیر الـراجعین إلـیٰ الـصحو بعد الـمحو، وسنزید بیان ذلک بعونـه وقدرتـه فی أخیرة هذه الـسورة؛ حتّیٰ یعلم أنّ هذه الـسورة نموذج تلک الـسفرات، وسیر الـکاملین والـصدّیقین.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 49