الدقیقة الخامسة
تقدّم الاستجابة علیٰ الدعاء
للسالک بعین الـبصیرة أن یتنبّـه ویتوجّـه ـ من هذه الآیات الـشاملـة لأنواع الأثْنیـة ـ إلـیٰ إنّ الاستجابـة قبل الـدعاء، وأنّ الإفاضـة الـقدیریّـة الـقدیمیّـة قبل الاستفاضـة الـحادثـة الـواقعـة عن الاستعمال، کیف لا، وقد دعوا اللّٰه مخلصین بالاستعانـة وطلب الإعانـة، واُجیبوا قبل ذلک بالاقتدار علیٰ تلک الـتضرّعات والاهتداء إلـیٰ تلک الـعبادات والـثناءات، فهل یُعقل أن یتمکّن الـممکن من إصدار فعل من غیر إعانتـه تعالیٰ؟! فإذاً لابدّ من الإقرار بأنّ الإجابـة قبل الاستجابـة، لا معـه ولا بعده.
تحت هر اللّٰه تو لبیک ما است
این همه گفت و شنودت پیک ماست
وإلـیٰ مثلـه یرجع سرّ الـتقدیم والـتأخیر.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 47
وإن شئت قلت: إنّ شرط الاستجابـة هو الـدعاء، ولکن الـشروط ثلاثـة، منها الـشرط الـمتأخّر، وقد فرغنا عن تصویره وتصحیحـه فی الاُصول.
أو قلت: إنّ الـطلب علیٰ أقسام، ومنها الـطلب الـذاتی، کما فی طلب الـماهیّات وقافلتها لـلوجود والـظهور ولکمال الـوجود، فیکون الاستجابـة فی الـرتبـة الـمتأخّرة جواباً عن الـسؤال فی الـرتبـة الـمتقدّمـة؛ أی الأعیان الـثابتـة الـلازمـة لـلذات، طلبت منـه کلّ شیء تستحقّـه فی تلک الـمنزلـة الـرفیعـة، فأنعم اللّٰه علیهم، وحیث تکون تلک الأعیان أیضاً من الـحقّ الأوّل ورد فی الـدعاء: «یامبتدئاً بالنعم قبل استحقاقها».
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 48