سورة الفاتحة

المبحث الرابع : حول مسألة سبق القدرة علیٰ الفعل

المبحث الرابع

‏ ‏

حول مسألة سبق القدرة علیٰ الفعل

‏ ‏

‏ربّما یمکن لـلمستدلّ أن یتوهّم: أنّ هذه الآیـة الـکریمـة تدلّ علیٰ‏‎ ‎‏مقالـة الأشعریّـین فی بحث حقیقـة الـقدرة، وأنّها لـیست قوّة سابقـة علیٰ‏‎ ‎‏الـفعل، بل لـها الـمعیّـة‏‎[1]‎‏، خلافاً لـلحقّ الـذی لا ریب فیـه، وهو تقدّمها‏‎ ‎‏علیـه؛ وذلک لأنّـه لا معنیٰ لـطلب الـمعونـة منـه تعالیٰ؛ لأنّـه قد خلقها فیهم‏‎ ‎‏قبلـه.‏

‏وبعبارة اُخریٰ وکلمـة وُضحیٰ: أنّ هذا الـطلب بعد صدور الـعبادة منـه‏‎ ‎‏لغو، ونفس هذا الـطلب کاشف عن سبق إعانتـه علیـه بإعطائـه الـقدرة،‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 37
‏فیکون الـدعاء مستجاباً قبلـه، وهذا ضروریّ الـفساد، فإنّ الاستجابـة بعد‏‎ ‎‏الـدعاء.‏

أقول: أوّلاً:‏ إنّ الـقواعد الـعقلیّـة الـواضحـة لا تفسد ولا تبطل بالظواهر‏‎ ‎‏ولا بالنصوص.‏

وثانیاً:‏ إنّـه یکون طالباً لـلمعونـة بالنسبـة إلـیٰ غیر هذا الـفعل، أو غیر‏‎ ‎‏ما صدر منـه بالضرورة؛ لأنّـه بعد وقوع الـفعل لا معنیٰ لـطلب الإعانـة، فیکون‏‎ ‎‏علیٰ هذا طلبـه متوجّهاً إلـیٰ ما یصدر منـه، أو متوجّهاً إلـیٰ إبقاء الـقدرة‏‎ ‎‏الـسابقـة حتیٰ یتمکّن من الأفعال والأقوال.‏

وثالثاً:‏ إنّ إعطاء الـقدرة من الـعلل الـواقعـة فی سلسلـة الـمقتضیات‏‎ ‎‏الأصلیّـة، وأمّا طلب الإعانـة فهو یرجع إلـیٰ دفع الـمضادّات الـوجودیّـة، أو‏‎ ‎‏الإعانـة علیٰ إیجاد الـمقتضیات غیر الأصلیّـة، مثل إعطاء الـعصا لـضرب‏‎ ‎‏الـعدوّ.‏

‏وأمّا مسألـة استجابـة الـدعوات قبل الـدعاء، فهی صحیحـة لا مانع من‏‎ ‎‏الالتزام بها؛ لأنّ الأدعیـة تقع علیٰ الألسنـة الـمختلفـة، ومنها دعاء الـذات، مع‏‎ ‎‏أنّ الـکریم کلّ الـکریم أن یسبق إلـیٰ الإجابـة إذا کان یعلم بالدعاء الـمتأخّر.‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 38

  • )) تفسیر البیان 1 : 38 .