الجواهر و الأعراض

فصل (8) فی أنّ مرتبة وجود الصورة الطبیعیة متقدّمة علیٰ مرتبة وجود الصورة الجسمیة

فصل (8) فی أنّ مرتبة وجود الصورة الطبیعیة متقدّمة علیٰ مرتبة وجود الصورة الجسمیة

‏ ‏

قوله:‏ لأنّ مبناه علـیٰ الـغفلـة عن جوهریـة.‏‏[‏‏5 : 186 / 11‏‏]‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 560
أقول:‏ و الـجواب مبناه علـیٰ الـغفلـة عن موضوع الإشکال و حقیقـة‏‎ ‎‏الـحال و هو أنّ الـفیض عند الـتنزّل عن مقامـه الـشامخ فی الـقوس‏‎ ‎‏الـنزولی یصل إلـیٰ مقام الـهیولیٰ و الـمادّة الـصِرفـة بعد طَیّ الـعقول و‏‎ ‎‏الـنفوس و الـطبائع و الأجسام.‏

‏ثمّ تلـک الـهیولیٰ الـخارجیـة الـمصاحبـة مع الـصورة فی الـقوس‏‎ ‎‏الـنزول یتلـبّس بالـصورة الـجسمیـة فی الـصعود، ثمّ بالـطبائع، ثمّ إلـیٰ ما‏‎ ‎‏لا یبقیٰ منـه عین و لا أثر. فالـسؤال هنا فی أنّ الـصورة الـجسمیـة لا یحتاج‏‎ ‎‏فی تلـبّس الـهیولیٰ بها إلـیٰ الـتخصیص کما هو الـواضح. و أمّا الـصور‏‎ ‎‏الـنوعیـة الـخارجیـة الـمختلـفـة الـمتضادّة یحتاج إلـیٰ الـتخصّص. و لا‏‎ ‎‏یمکن أن یکون الـتخصّص من ناحیـة تلـک الـصور؛ لأنّها فی الـمرتبـة‏‎ ‎‏الـمتأخّرة. و ظنّی أنّهم وقعوا فی الـخلـط بین حکم الـعقل و الـخارج؛ بمعنیٰ‏‎ ‎‏أنّ الـعقل عکس الـخارج مع أنّـه باطل جدّاً و فاسد قطعاً؛ ضرورة أنّ الـعقل‏‎ ‎‏صحیفـة الـتکوین و الأحکام فیها طبق للـطبع، فما فی الـخارج متأخّر عن‏‎ ‎‏الـشیء حصولاً فهو فی الـنفس أیضاً کذلک. و لیس هذا خلـط بین الـتقدّم‏‎ ‎‏الـزمانی و سائر أنحاء الـتقدّم، فلـیلاحظ.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

قوله:‏ و رُبّ حیوان.‏‏[‏‏5 : 190 / 21‏‏]‏

أقول:‏ فرق بین الـتقطیع الـحاصل فی الـحیّات الـباقیـة بعدها الـحرکـة‏‎ ‎‏و الـقُویٰ الـمنطبعـة فیها، و بین الأشجار و الـقویٰ الـراسخـة فیها. ففی الأوّل‏‎ ‎‏تلـک الـقوّة من بقایا الـقویٰ الـحیوانیـة و لذلک لا تعود إلـیٰ الـحیاة، و فی‏‎ ‎‏الـثانی هو الـقوّة الـثابتـة فیها و لذلک تعود إلـیٰ الـحیاة الأبدیـة. فما یظهر‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 561
‏منـه هو الـخلـط بین الـفرضین.‏

‏ثمّ إنّ هنا معضلـة عویصـة و هو إحیاء الأموات، مع أنّ الـنفس بعد‏‎ ‎‏الـمفارقـة لا ترجع إلـیٰ الـبدن؛ للإشکالات الـکثیرة الـتی وردت علـیٰ‏‎ ‎‏مذهب أفلاطون و الـمشّائین ـ و منها: رجوع الـفعل إلـیٰ الـقوّة ـ فلابدّ من‏‎ ‎‏مَخلَص لورود الـخبر الـصادق بـه، و لعلّـه من جهـة بقاء الـنفس فی الـبدن‏‎ ‎‏بنحو  ضعیف بحیث یمکن إرجاعها إلـیـه.‏

‏فعلـیٰ ذلک قد یکون الـنفس تفارق الـبدن بالـکلّیـة، و قد یکون‏‎ ‎‏الـمفارقـة بنحو الإجمال و تکون الـنفس ببعض مراتبـه الـدانیـة متعلّقـة‏‎ ‎‏بالأبدان، فلا یکون الإحیاء إلاّ الإرجاع إلـیٰ الـتفصیل و الـتوضیح. و لعمری‏‎ ‎‏بذلک یندفع معضلـة الـرجعـة الـثابتـة بالأخبار الـمتواترة، و یثبت بقاء‏‎ ‎‏الأبدان بعد الـنفوس صحیحـة بلا لزوم إشکال، فافهم و اغتنم.‏

لمحرّره الراجی إلیٰ رحمة ربّه الغنی السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

‏ ‏

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 562