الجواهر و الأعراض

بحث و تحقیق

بحث و تحقیق

‏ ‏

قوله:‏ و أمّا الـثانی.‏‏[‏‏4 : 273 / 17‏‏]‏

أقول:‏ الـحرکـة الـجوهریـة عبارة عن کون الـصور مطویّـة بعضها فی‏‎ ‎‏بعض؛ بحیث یکون إحداها شاملـة و الاُخریٰ مشمولـة، و یکون الـصورة‏‎ ‎‏الاُولیٰ منطویـة فی الـصورة الآتیـة فی الـحرکات فی الـصور الـطولیـة. و‏‎ ‎


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 469
‏حینئذٍ تنحفظ الـوحدة الـقابلـة بالـوحدة الاتّصالـیـة الـنوعیـة أو‏‎ ‎‏الـشخصیـة، و الـتحقیق مع الـثانی دون الأوّل کما سنشیر إلـیـه.‏

‏مثلاً الـصورة الـنطفیـة لها جنبتان: الـجنبـة الـکمالـیـة و الـجنبـة‏‎ ‎‏الـنقصیـة، و عند الـحرکـة للالتباس بالـصورة الـعَلَقیـة یطرد الـجنبـة‏‎ ‎‏الـثانیـة و یتحفّظ الاُخریٰ حتّیٰ یکون الـعلـقـة هی الـنطفـة بمعنیً؛ لأنّـه هو،‏‎ ‎‏و غیره بمعنیً. و هکذا فی مسألـة الـطولیات و لذلک یحمل علـیٰ مبدأ‏‎ ‎‏الـعلـقـة الإنسان بوجـه، و علـیٰ منتهاها الـنطفـة بمعنیً، و یقع فی حدّ‏‎ ‎‏الإنسان جمیع الـعناوین الـکلّیـة الـمنطبقـة علیٰ الـجماد و الـنبات. هذا فی‏‎ ‎‏الـحرکـة فی الـصور الـطولیـة الـکمالـیـة.‏

‏و أمّا الـتضعّف فی الـوجود فهو لیس معناه الانقلاب الـمعروف، بل‏‎ ‎‏الـتضعّف أیضاً یکون فی الـصور الـطولیـة، إلاّ أنّ الـحرکـة إذا کانت فی‏‎ ‎‏الـصور الـطولیـة الـموجبـة لسعادة الـمتحرّک دون شقاوتـه الـذاتیـة، تکون‏‎ ‎‏الـحرکـة فی الاشتداد الـکمالـی. و أمّا إذا کانت فی الـحرکـة الـشقاویـة فلا‏‎ ‎‏ریب أنّـه فی الـتضعّف فی الـوجود و الـسعادة الـمساوقـة لـه. و لا تخلـط‏‎ ‎‏بین الاشتداد فی الـشقاوة مع تَقَوّی الـوجود فإنّ الـحرکـة إلـیٰ الـشقاوة معناه‏‎ ‎‏الـحرکـة إلـیٰ الـعدم؛ لأنّ الـشرور مرجعها الأعدام فالـحرکـة تکون تضعّفاً.‏‎ ‎‏بخلاف الـحرکـة فی الـسعادة، فإنّها الـحرکـة إلـیٰ الـکمال و تکون تلـک‏‎ ‎‏الـحرکـة هو الاشتداد فی الـوجود.‏

‏فإلیٰ هنا انقدح معنیٰ الاشتداد و الـتضعّف اللـذین خفیا علـیٰ مُبدِع هذه‏‎ ‎‏الـمباحث، و لعلّـه لاغتراره بهذه الـمباحث اختفیٰ علیـه هذه الـنکات و‏‎ ‎‏تخیّل الـحرکـة فی جمیع الـمراحل کما یأتی بعض الإیماء إلـیـه.‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 470
‏و الـبرهان علـیٰ ذلک کلّـه: أنّ الـصور علیٰ قسمین: صورة متعصّیـة عن‏‎ ‎‏الـصورة الاُخریٰ متأبّیـة عن قبول جهـة الـصورة الاُخریٰ لا مادّتها فإنّها لا‏‎ ‎‏تأبیٰ عن ذلک و إن لم یمکن إلاّ بوجـه عقلـی بعید عن أذهان أهل الـعلـم، و‏‎ ‎‏لعلّـه یأتیک تفصیلـه. و الـقسم الـثانی هو الـصورة الـلا بشرطیـة الـتی هو‏‎ ‎‏الـقوّة فی عین الـفعلـیـة و یجتمع مع آلاف صورة اُخریٰ.‏

‏فالأوّل مثل صورة الـشجر، فإنّـه مع حفظ الـصورة الـشجریـة لا تمکن‏‎ ‎‏أن تصیر إنساناً و حیواناً حتّیٰ یکون انسانٌ صاحب الـطّول الـعجیب و یصدق‏‎ ‎‏علـیٰ تلـک الـصورة أنّها نامٍ و نباتٌ. و الـصورة الـثانیـة عبارة عن الـصورة‏‎ ‎‏الـنُّطفیّـة الـمتحرّکـة بالـحرکـة الـنباتیـة، فإنّـه فی عین کونها نطفـة نامٍ و‏‎ ‎‏لیس بنبات، و تصیر تلـک الـصورة إنساناً لعدم تأبّیها عن الـحیوانیـة و‏‎ ‎‏الإنسانیـة. فالأوّل هو الـصورة بشرط الـلائیـة الـخارجیـة و الـثانیـة هو‏‎ ‎‏الـصورة الـلا بشرطیـة الـخارجیـة.‏

‏و الإنصاف اختفاء هذه الـمباحث علـیٰ قائلـه فضلاً عمّن تأخّر عنـه.‏‎ ‎‏فإلیٰ هنا انقدح مدارج الـحرکـة الـجوهریـة و مَداراة الـتحوّلات الـذاتیـة.‏

‏و أمّا الانقلاب و الانتقال و الاستحالـة فتفصیلـه من محلّ آخر، و الإشارة‏‎ ‎‏الإجمالـیـة: أنّ الـصورة الـمائیـة مع کونـه ماءً تصیر هواء، أو أنّها قوّة‏‎ ‎‏الـهوائیـة. فالأوّل باطل، و الـثانی ففیـه ـ مضافاً إلـیٰ الـبطلان لعدم صدق‏‎ ‎‏حدّه فی الـخارج ـ أنّ الـهوائیـة قوّةُ الـمائیـة دون الـعکس؛ لعدم وجـه‏‎ ‎‏یرجّح عکسـه. فبین الـصورتین تضادّ و مضادّة، و ذلک تباینهما عن الآخر حتّیٰ‏‎ ‎‏عن کون أحدهما قوّة للآخر. و توهّم الـصور الـبرزخیـة الـمشترکـة بین‏‎ ‎‏الـمراتب فی نهایـة الـضعف عن إدراک الـعِلـمیات، فإنّ الـصورة الـبرزخیـة‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 471
‏إن کانت نوعاً آخر فیلـزم کون الـموالـید أکثر من ثلاثـة، و إن کانت محدودة‏‎ ‎‏بحدّین فعلـیین فهو محال قطعاً.‏

قوله:‏ من الـوحدة الـشخصیـة.‏‏[‏‏4 : 275 / 11‏‏]‏

أقول:‏ و هو محال؛ لما أنّ الـصورة الـمائیـة لا تجتمع مع الـصورة‏‎ ‎‏الـهوائیـة، فإثبات الـحدّ الـمشترک فی هذه الانتقالات من أعظم الاشتباهات.‏

و التحقیق:‏ أنّ فی جمیع الـموارد الـتی توهّم أنّـه انتقال، لیس بانتقال و‏‎ ‎‏لا بحرکـة، بل هو أمر آخر واضح لا غبار علـیـه، و الـکلّ برهانی.‏

‏أمّا أنّـه لیس بحرکـة فلـما عرفت. و أمّا أنّـه لیس بانتقال فلـما أشار‏‎ ‎‏إلـیـه فی الـمتن. و توهّم: أنّ الـحرکـة هو اللـبسُ بعد اللـبس و الانتقال هو‏‎ ‎‏الـخَلـع و اللـبس، و الـخلـع و اللـبس یقعان فی آنٍ واحد ـ أی یکون آنُ‏‎ ‎‏الـخلـع آنَ اللـبس ـ ؛ فهو فی غایـة الـسقوط؛ ضرورة أنّ الـخلـع و اللـبس‏‎ ‎‏فعلان و لیسا بفعل واحد، و الـفعلان لایمکن أن یقعا فی آنٍ واحدٍ بل هما‏‎ ‎‏محتاجان إلـیٰ اثنین: أحدهما آن الـخلـع، و الآخر آن اللـبس، فیتتالـیٰ الآنان‏‎ ‎‏و هو محال واضح.‏

‏فتحصّل: لزومُ کون الـخلـع عبارة عن خلـع الـکمال و هو الـحرکـة، و‏‎ ‎‏هو باطل فی ما نحن فیـه. و أمّا أنّ هذه الانتقالات لیست حرکـة و لاتبدّلاً،‏‎ ‎‏فلأنّ الـصورة الـهوائیـة لاتصیر مائیـة مطلـقاً، و لا الـمائیـة هوائیـة مطلـقاً؛‏‎ ‎‏لـکونهما من الـصور الـمتعصّیـة و الـمتأبّیـه، فکما أنّ الـشجر لایصیر إنساناً و‏‎ ‎‏لا الإنسان یصیر شجراً، فکذلک الـصورة الـهوائیـة لا تصیر ماء و لا الـماء‏‎ ‎‏یصیر هواء. بل الـماء لها حالـتان: حالُ الـقبض و حالُ الـبسط؛ حالُ الـقبض‏‎ ‎‏ماءٌ، و حال الـبسط رَشْحٌ لا یُریٰ بالـحواسّ الـظاهرة الـضعیفـة، بل الـیوم‏‎ ‎


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 472
‏یرون ذلک بالأبصار الـمسلّحـة. فالـهواء هواء و لا تنقلـب عمّا هو علـیـه‏‎ ‎‏حتّیٰ فی آنٍ، و الـماء ماء و لا تنتقل فی وقت. نعم یبسط و یقبض؛ أی یبسط‏‎ ‎‏الـماء و یقبض الـهواء أیضاً بلا لزوم إشکال. و هکذا جمیع الانتقالات و‏‎ ‎‏الـتحوّلات.‏

‏و ذلک لا یساعده الـوجدان فقط بل قام الـبرهان؛ أوّلاً علـیٰ امتناع‏‎ ‎‏الـحرکـة و الانتقال، و ثانیاً علـیٰ لزوم کون الأمر وراء ذلک کما عرفت.‏

‏فبحمد الله و الـمنّـة انکشف ـ بنور الـعرفان ـ معانٍ عدیدة فی هذا‏‎ ‎‏الـمختصر، و اُشیر إلـیٰ معارف عالـیـة فی هذه الـتحشیـة مراعیاً جانب‏‎ ‎‏الإفراط و الـتفریط، ملاحظاً طرف الإطناب و الإیجاز. و لعلّـه یأتی بعض‏‎ ‎‏الـبراهین الاُخر علـیٰ کیفیـة ذهاب الـصور عن الـموادّ، و تلـبّس بعض‏‎ ‎‏الـموادّ بالـصور الاُخریٰ. و بعبارة اُخریٰ کیفیـة انقلاب الـصورة الـبشرط‏‎ ‎‏الـلائیـة إلـیٰ الـصورة الـلابشرطیـة، فإنّـه من أغمض الـمسائل الـحِکْمیـة،‏‎ ‎‏فلـیتدبّر و اغتنم.‏

قوله:‏ و من خواصّ الـجوهر کونـه مقصوداً بالإشارة.‏‏[‏‏4 : 276 / 10‏‏]‏

أقول:‏ و ظنّی أنّ هذه الـعبارة بلـغت إلـیـه من کتب الـشیخ، و أرادوا بـه‏‎ ‎‏الـمعنیٰ الآخر غیر الـمعنیٰ الـذی اُرید منـه هنا و هو: أنّ الـجواهر لا تُمْکن‏‎ ‎‏الإشارةُ الـحسّیـة إلـیـه بخلاف الأعراض. و هذه الـمسألـة من صُغْریات أنّ‏‎ ‎‏الـجواهر لاتنال بالـحسّ الـبصری بل الـمبْصر هو الألوان و الأضواء. و هکذا‏‎ ‎‏الـجواهر لا تشار إلـیـه خارجاً بل الـمشار إلـیـه هو الـجسم الـتعلـیمی و‏‎ ‎‏الـسطح و الـخطّ بخلاف الـنقطـة. فجوهریـة الأشیاء ممّا تنالـها الـعقول و‏‎ ‎‏الإدراکات دون الاُمور الـخسیسـة الـحسّیـة.‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 473
‏و الأصحاب أرادوا بتلـک الـعبارة هذا الـمعنیٰ الـمعروف؛ أی أنّـه لایشار‏‎ ‎‏إلـیـه بل تکون مقصوداً بالإشارة؛ أی اُشیر إلـیٰ الـکمّ بقصد الإشارة إلـیٰ‏‎ ‎‏الـجوهر الـطبیعی. و بذلک ینقدح مواضع الـخلـل فی کلـماتـه، فلـیلاحظ.‏

قوله:‏ کونـه موجوداً لنفسـه.‏‏[‏‏4 : 277 / 14‏‏]‏

أقول:‏ بل الـتحقیق أنّ ذلک لیس من خواصّ الـجوهر، فإنّ خاصّـة‏‎ ‎‏الـجوهر فی الـمرتبـة الـلاحقـة بالـجوهر، و الـوجود فی نفسـه عین معنیٰ‏‎ ‎‏الـجوهر لا خاصّـتـه اللـهمّ إلاّ أن یقال: إنّ تعریف الـجوهر بذلک تعریف‏‎ ‎‏بخاصّـتـه لا بکنهـه و حقیقتـه، فعلـیـه هو من خواصّـه. و لذلک قد یعدّ فی‏‎ ‎‏الـرسوم أنّـه من خواصّ الـمرسوم کما فعلـه الـعلاّمـة الـمحشّی فی کتابـه‏‎ ‎‏الـصغیر.‏

قوله:‏ فی عالـم الـمفارقات.‏‏[‏‏4 : 277 / 17‏‏]‏

‏أی الـعقول الـقادسـة والـنفوس الـفلـکیـة و الإنسانیـة بناء علـیٰ‏‎ ‎‏مذهبـه  ‏‏قدس سره‏‏.‏

من العبد سیّد مصطفیٰ عفی عنه

قوله:‏ وجوده الـشخصی لغیره.‏‏[‏‏4 : 278 / 10‏‏]‏

أقول:‏ الـتشخّص مساوق للـوجود فلـو کانت الـشیء غیر محتاجـة‏‎ ‎‏بشیء آخر فی وجوده فهو فی تشخّصـه أیضاً غیر محتاج إلـیـه.‏

‏فعلـیٰ هذا، ما قد قیل و اشتهر: أنّ الـصورة لا تحتاج فی الـوجود إلـیٰ‏‎ ‎‏الـمادّة بل تحتاج إلـیها فی الـتشخّص، یلـزم کونـه باطلاً، فالـصورة لاتحتاج‏‎ ‎‏إلـیها قطعاً. و هذا تناقض أیضاً فی کلامـه  ‏‏قدس سره‏‏ لمن کان مطّلـعاً بمبانیـه و‏‎ ‎‏مسانیدها.‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 474
‏و هکذا یقال: الإرادة لاتحتاج فی الـوجود إلـیٰ الـمراد بل تحتاج إلـیـه‏‎ ‎‏فی الـتشخّص. و هکذا جمیع الأوصاف الـتی تکون ذات إضافـة إلـیٰ‏‎ ‎‏الـخارج عنها بوجـه. فیلـزم علـیٰ هذا أنّ عدم الـشخصیـة تساوق الـوجود و‏‎ ‎‏متّحداً معـه عیناً.‏

‏هذا، مع أنّ ـ علـیٰ مسلـکـه ـ یلـزم اتّحاد الـجوهر الـصوری و‏‎ ‎‏الـعرض، فإنّ الـعرض موجود لغیره و محتاج إلـیـه فی الـوجود و‏‎ ‎‏الـشخصیـة، و تلـک الـصورة الـحالّـة أیضاً وجودها للـمادّة و تحتاج إلـیها‏‎ ‎‏فی الـتشخّص و الـوجود فلـم یفرّق بینهما أصلاً.‏

‏و أمّا الـقول: بأنّ احتیاج الـصورة إلـیٰ الـمادّة ینحصر فی نحو الـوجود‏‎ ‎‏لا فی أصلـه، و الـعرض فی نحوه و أصلـه؛ فهو باطل؛ لأنّ الـوجود و نحوه إن‏‎ ‎‏یرجع إلـیٰ الإهمال و الـتعیّن فهو محال؛ لعدم الإهمال فیـه. و إن کان علـیٰ‏‎ ‎‏الـفرضین تعیّن ففی الـفرضین تشخّص و نحو تشخّصٍ لتساوقهما فی الـعین.‏‎ ‎‏فعلـیـه یتمّ الإشکال و یُسدّ من هذه الـجهـة أیضاً، فلـیتدبّر.‏

‏فحینئذ نقول هنا ثلاثـة اُمور: الـوجود، و الـشخصیـة بمعنیٰ الـمُشخّص،‏‎ ‎‏و الـشخصیـة بمعنیٰ الأمارة علـیها. مثلاً الـجسم فی عالـم الـحسّ لایخلـو‏‎ ‎‏عن الـکمّ، فالـکمّ مشخِّص الـجسم ولـکن بالـمعنیٰ الـثانی، لا بالـمعنیٰ‏‎ ‎‏الأوّل ـ بمعنیٰ کون الـکمّ مشخّصاً للـجسم أی وجوداً لـه ـ بل ذلک ممّا اُقیم‏‎ ‎‏الـبرهان علـیٰ امتناعـه، بخلاف الـمشخّصیـة بمعنیٰ الأمارة علـیٰ‏‎ ‎‏الـشخصیـة. فعدم انفکاک شیء عن شیء إمّا معناه الـتلازم فی الـوجود أو‏‎ ‎‏الـماهیـة، أو لأنّ أحدهما یحتاج فی إرائـة شخصیتـه إلـیٰ الآخر مثل الـجسم‏‎ ‎‏إلـیٰ الـکمّ.‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 475
‏إذا عرفت تلـک الـمقدّمـة فاعلـم: أنّ الـصورة تحتاج إلـیٰ الـمادّة لا فی‏‎ ‎‏تشخّصـه ـ بمعنیٰ الـمساوق لوجوده ـ بل فی تشخّصـه بمعنیٰ الأمارة علـیـه و‏‎ ‎‏الإرائـة لـه. فالـمادّة للـصورة بمنزلـة الـکمّ للـجسم، فکما أنّـه أمارة علـیـه‏‎ ‎‏کذلک الـمادّة أمارة علـیـه. و هکذا الـمراد بالـقیاس إلـیٰ الإرادة و متعلّقات‏‎ ‎‏الأوصاف بالـنسبـة إلـیٰ الـصفـة، فکما أنّ أصل وجود الإرادة لاتحتاج إلاّ‏‎ ‎‏إلـیٰ مبادئها الـعلّیـة الـنفسانیـة، هکذا فی تشخّصها لا تحتاج إلاّ إلـیٰ‏‎ ‎‏الـمبادئ الـثابتـة فی الـنفس. نعم الـمراد أمارة علـیٰ الـتشخّص و الـتعیّن‏‎ ‎‏مثل الـکمّ الأمارةِ علـیٰ الـجسم.‏

‏فعلـیٰ هذا ینقدح الـفرق الـصریح بین الـصورة و الـعرض؛ فإنّ الـصورة‏‎ ‎‏جوهر للـغیر، و الـعرض حالٌّ فی الـغیر، و الـغیر فی طرف الـصورة أمارة‏‎ ‎‏تشخّص الـحالّ و الـصورة، و فی طرف الـعرض مشخِّص الـعرض و معطی‏‎ ‎‏وجوده؛ فإنّ الأعراض طَوْرُ الـجواهر و تطوّر الـمستقلاّت فی الـوجود. و‏‎ ‎‏بعبارة اُخریٰ الـمادّة طور الـصور، و الـعرض طور الـموضوع، فبینهما الـفرق‏‎ ‎‏الـصحیح الـواقعی الـجوهری. و هذا ممّا مَنّ الله تعالـیٰ علیٰ عبده لتحلیل‏‎ ‎‏هذه الاُمور بعضها عن بعض حتّیٰ لایختلـط الـمعانی الـعینیـة بالـمعانی‏‎ ‎‏الـذهنیـة و الـمعانی الأصلـیـة بالـعرضیـة.‏

قوله:‏ صفات متقابلـة.‏‏[‏‏4 : 278 / 16‏‏]‏

أقول:‏ توضیح الـمراد لاینافی ورود الإشکال، فإنّ جعل هذه خاصّـة غیر‏‎ ‎‏صحیح. فکان ینبغی تقیید الـصفات الـمتقابلـة بلـفظـة: «فی أنفسها» حتّیٰ‏‎ ‎‏لایتوهّم الإیراد، لا أن یدفع بتوضیح الـمراد، و إلاّ یلـزم عدم ورود إشکال‏‎ ‎‏علـیٰ تعریف کما لایخفیٰ، فلـیتبصّر.‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 476
قوله:‏ زال بتمامـه و حصل لون آخر.‏‏[‏‏4 : 279 / 14‏‏]‏

أقول:‏ ظاهر کلامـه ینافی ما حقّقـه فی مباحث الـحرکـة من أنّ الـحافظ‏‎ ‎‏لوحدة الـموضوع فی الـحرکـة الـکیفیـة هو صورةُ کیفٍ مّا، کما فی الـکمّ‏‎ ‎‏فإنّـه کمٌّ مّا، و فی الـجوهر صورةٌ مّا، فزوال اللـون بکلّیتـه ممتنع.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ عفی عنه

‏ ‏

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 477