الجواهر و الأعراض

فصل (9) فی أنّ المضاف هل یقبل التضادّ و الأشدّ و الأضعف أم لا

فصل (9) فی أنّ المضاف هل یقبل التضادّ و الأشدّ و الأضعف أم لا

قوله:‏ و الأضعف.‏‏[‏‏4 : 209 / 20‏‏]‏

أقول:‏ و کان ینبغی أن یقول: و منها تقسیمـه إلـیٰ الـحقیقی و الـمشهوری.‏

‏قال الـشیخ فی قاطیغوریاس «الـشفاء» ـ فصل فی تحقیق الـمضاف‏‎ ‎‏الـذی هو الـمقولـة، و الـفرق بین ما هو مضاف بالـذات و ما هو عارض لـه‏‎ ‎‏الإضافـة ـ بهذه الـعبارة: «إنّا إلـیٰ هذا الـوقت إنّما أخبرنا عن مضافات طابقها‏‎ ‎‏الـحدّ الـمذکور، فبعضها کانت ماهیتها مقولـة بالـقیاس إلـیٰ غیرها، و بعضها‏‎ ‎‏کانت قد تصیر کذلک بنحو من الـنسبـة تلـحقها. فلـننظر هل الـرسم الـمذکور‏‎ ‎‏هو رسم للـمقولـة، أم رسم معنیً یصلـح أن یقال: إنّـه مضاف، و لیس هو نفس‏‎ ‎‏الـمقولـة أو نوعاً من الـمقولـة؟»‏‎[1]‎‏ انتهیٰ موضع الـحاجـة منـه.‏

‏فتحصّل: أنّ الـتضادّ کما ینقسم بالـحقیقی و الـمشهوری، و الـعدم و‏‎ ‎‏الـملـکـة بهما، کذلک الـتضایف ینقسم بهما، و الإضافـة أیضاً تنقسم بهما.‏‎ ‎‏ولـکن الـتقسیم فی الـجمیع ممّا لابأس بـه إلاّ فی الإضافـة؛ لما أنّـه من‏‎ ‎‏ناحیـة الـفرق بین الـمبدأ و الـمشتقّ فرّق و قسّم إلـیٰ قسمین. و قد تقرّر‏‎ ‎‏اتّحادهما واقعاً و اختلافهما اعتباراً، و الاختلاف الاعتباری الـغیر الـساری‏‎ ‎‏إلـیٰ الـخارج لایکفی لتصحیح الـتقسیم الـمزبور، نعم فی الـتقسیم‏‎ ‎‏الـتحلـیلـی لا بأس بـه کما هو الـواضح.‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 408
قوله:‏ تضادّ بالـتبع.‏‏[‏‏4 : 210 / 4‏‏]‏

أقول:‏ الـظاهر أنّ غرضهم منـه هو أنّ حکم الـتضادّ کما یثبت للـمتضادّین‏‎ ‎‏بالـذات یثبت للـمتضادّین بالـعرض. إلاّ أنّ للأوّل أوّلاً و بالـذات، و للـثانی‏‎ ‎‏ثانیاً و بالـعرض. و أمّا من جهـة امتناع الاجتماع فی موضع واحد فالـکلّ‏‎ ‎‏متساوی الـحکم.‏

‏إذا عرفت ذلک فاعلـم: أنّ الأحرّ و الأبرد ـ کما أشرنا إلـیـه ـ قد یجتمعان‏‎ ‎‏فی موضوع واحد، کما إذا قسنا الأحرّ إلـیٰ الـحارّ و قسناه إلـیٰ الـواجد‏‎ ‎‏للـحرارة الـعالـیـة الـشدیدة منـه، فاجتمع الأحرّ و الأبرد مع أنّ الـمتضادّین‏‎ ‎‏لا یجتمعان.‏

‏و من هنا ینقدح: أنّ هذه الأمثلـة کلّها من الـخلط بین الـمضاف و‏‎ ‎‏الـتضایف. فمن أحکام الـمتضائفین لیس عدم اجتماعهما فی موضوع واحد فی‏‎ ‎‏زمان واحد، و لذلک یکون الـواحد الـبسیط علّـة و معلولاً، عالـماً و معلوماً،‏‎ ‎‏عاقلاً و معقولاً، فوقاً و تحتاً. و أمّا الإضافـة الـخارجیـة فلـیست بینها و بین‏‎ ‎‏الـشخص الآخر منـه تضادّ لعدم انحفاظ الـموضوع الـقریب.‏

‏و أمّا ما قالـه الـشیخ ـ من الـوجـه الـثانی لتقریر نفی الـتضادّ فی‏‎ ‎‏الإضافـة ـ من: استقلالـه فی الـموضوعیـة مع أنّـه غیر مستقلّ،‏‎[2]‎‏ غیر تمام؛‏‎ ‎‏فإنّ الـعارض و الـمعروض قد یکون مثل الـعوارض الـمحتاجـة فی عروضها‏‎ ‎‏إلـیٰ مادّة و مزاج انفعالـیّ، و قد یکون مثل الـعوارض الاُخر. أفلا تریٰ أنّ‏‎ ‎‏الإضافـة تنقسم بالأقسام الـکثیرة و لایمکن الـتقسیم إلاّ بعروض الـمُنوّع أو‏‎ ‎‏الـمصنّف أو الـمشخِّص؟! فیلـزم کونـه مستقلاًّ. و الـتضادّ و عروضـه علـیٰ‏‎ ‎


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 409
‏الإضافـة لیس مثل عروضـه علـیٰ الـکیف؛ فإنّـه فی الـثانی من الـقسم‏‎ ‎‏الأوّل، و فی الأوّل من الـقسم الـثانی.‏

قوله:‏ و هکذا الـقیاس.‏‏[‏‏4 : 211 / 4‏‏]‏

أقول:‏ و هذا أیضاً من سنخ الـخلـط بین الـمضاف و الـتضایف و إلاّ‏‎ ‎‏الأشدّیـة و الأضعفیـة غیر آتیـة فی الإضافـة مطلـقاً بالـذات و بالـعرض و‏‎ ‎‏بالـتبع إن کان الـمراد من الأشدّیـة و الأضعفیـة ما یرجع إلـیٰ وجدان الأشدّ‏‎ ‎‏جمیع کمالات الأضعف. و أمّا إن کان الـمراد منهما الـمعنیٰ الآخر ـ کما یقال:‏‎ ‎‏هذا الـخطّ أعظم من ذاک ـ فالإضافـة بذاتها تشتدّ و تضعف؛ فإنّ فلـک الـقمر‏‎ ‎‏فوقنا و فلـک الـشمس أفوق أو أشدّ فوقاً، أو أنّ هذا الـسقف أشدّ فوقاً من ذلک.‏‎ ‎‏فإنّ ذلک فی نفس الإضافـة لا الـمضاف. نعم کان هما أمراً واحداً فلا نأبی منـه‏‎ ‎‏أصلاً.‏

لمحرّره العبد الفانی لیلة الأحد من الشعبان المعظم

‏الذی خلون منه سبعة عشر یوماً منه 1377‏

‏السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه‏

‏ ‏

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 410

  • )) الشفاء، المنطقیات (المقولات) 1 : 155 .
  • )) الشفاء، المنطقیات (المقولات) 1 : 138 ـ 137 .