الجواهر و الأعراض

فصل (14) فی سبب عروض هذه العوارض البدنیة

فصل (14) فی سبب عروض هذه العوارض البدنیة

‏ ‏

قوله:‏ کلّ ما یعرض فی أحد الـعوالـم.‏‏[‏‏4 : 157 / 10‏‏]‏

أقول:‏ قد یظهر من تلـک الـقاعدة و من تشبیهـه الـعوالـم بعالـم الـصغیر:‏‎ ‎‏أنّ الاستکمال و الإعداد أیضاً فی الـعالـم الـکبیر متطابقان، مع أنّـه واضح‏‎ ‎‏الـفساد. فتَحاکی هذا الـعالـم عمّا فی تلـک الـعوالـم حکایةُ الـناقص عن‏‎ ‎‏الـکامل و الـرشح عن الـمنبع. و ربّما یکون الـمنبع و الـعوالـم الـغیبیـة ذاتَ‏‎ ‎‏حقائق لم یتنزّل إلـیٰ هذا الـعالـم أصلاً؛ لعدم استعداد لها و عدم قابلـیـة فیها،‏‎ ‎‏فالـنفس و الـروح الـبخاری و الأعضاء متعاکسان إیجاباً و إعداداً لا أنّ کیفیـة‏‎ ‎‏الـتعاکس تکون علـیٰ نمط واحد و طریقـة فاردة کما یظهر أیضاً من عبارتـه،‏‎ ‎‏فلـیلاحظ.‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 348
‏فتحصّل: أنّ الـنفس توجب الـتغیّر فی الـروح الـموجب لتغیّر الأعضاء.‏‎ ‎‏و کذلک الأعضاء توجب الـتغییر فی الـروح الـمتوسّط الـموجب لحرکـة و‏‎ ‎‏انفعال فی الـنفس إلاّ أنّ فعلـها ایجابی و فعلـه و فعل الأعضاء إعدادی، بل فعل‏‎ ‎‏الـروح الـمتوسّط أیضاً إعدادی. و تفصیل الـکلام و مخّ الـمرام فی هذه‏‎ ‎‏الـرقیقـة الإلهیـة ـ و هو أنّ الـنفس و الـبدن متعاکسان إیجاباً و إعداداً ـ‏‎ ‎‏یحتاج إلـیٰ بسط یسعها مباحث الـنفس و ینفعک فی کیفیـة الـمعاد‏‎ ‎‏الـجسمانی و حقیقـة الـرجوع الإلهی الـربّانی.‏

قوله:‏ لعلاقـة الـسببیـة و الـمسبّبیـة بینهما بوجـه.‏‏[‏‏4 : 157 / 15‏‏]‏

أقول:‏ مختارهم فی تلـک الـعلاقـة، الـعلاقـة الـطبیعیـة الـثابتـة بین‏‎ ‎‏الـموادّ و الـصور، و الـتلازم الـقطعی بین الـهیولیٰ و الـفعلـیـة، فإنّ من أدلّـة‏‎ ‎‏أرباب الأنواع تلـک الـعلاقـة و هذه الـملازمـة. فالـنفس و الـبدن بما هو بدن‏‎ ‎‏لا بما هو جماد و نبات صورة و هیولیٰ. فکما أنّ الـثابت فی محلّـه و الـبالـغ‏‎ ‎‏حدّ الـنصاب الـبرهانی و الـمیقات الـشهود الـعرفانی أنّهما علّـتان و‏‎ ‎‏معلولتان بوجـه غیر إلـهی، کذلک بین الـنفس و الـبدن أیضاً علاقـة الـعلّیـة و‏‎ ‎‏الـمعلولیـة بحیث یکون الـبدن علّـة لها و معلولاً لها. هذا هو مختار صاحب‏‎ ‎‏الـکتاب وکثیر من الـمتأخّرین.‏

‏ولـکن الـتحقیق: أنّ الـسببیـة والـمسبّبیـة بین الـجوهر الـمفارقـة ذاتاً‏‎ ‎‏الـمتعلّقـة فعلاً و الـبدن الـذی هو موضوع لها، و بین الـصورة الـجسمیـة و‏‎ ‎‏الـهیولیٰ اللـذین متّحدان عند الـمصنّف و منضمّـتان عندنا بوجـه دقیق، لیستا‏‎ ‎‏من سنخ واحد؛ فإنّ علـیٰ الـطریقـة الـحقّـة هو ما سلـف من الإیجابیـة و‏‎ ‎‏الإعدادیـة. فالـبدن علّـة و فاعل إعدادی کما قال إبراهیم  ‏‏علیه السلام‏‏: ‏‏«‏هَذٰا‎ ‎


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 349
رَبّی‏»‏‎[1]‎‏ أی ربّی الإعدادی مثلاً و الـنفس فاعل إیجابی.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

‏ ‏

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 350

  • )) الأنعام (6) : 76.