الجواهر و الأعراض

فصل (10) فی الواسطة بین الصحّة و المرض

فصل (10) فی الواسطة بین الصحّة و المرض

‏ ‏

قوله:‏ علـیٰ الـبدن.‏‏[‏‏4 : 148 / 8‏‏]‏

‏قد عرفت: أنّـه عمّم الـبحث بوجـه غیر اصطلاحی، فلا وجـه لحصر‏‎ ‎‏الـکلام فی الـبدن. ثمّ قال فی أسطُر: إنّهما من الـکیفیـة الـنفسانیـة، و قال:‏‎ ‎‏معها علـیٰ الـبدن. ثمّ قال: سأنظر أنّ الـحال و الـملـکـة من خواصّ الـنفس،‏‎ ‎‏و یقول هنا: ثبوت حالـة و صفـة لا یصدق معها علـیٰ الـبدن أنّـه صحیح أو‏‎ ‎‏مریض.‏

‏إذا عرفت ذلک ینکشف لک: أنّ جمیع هذه الـخلـیطـة من ناحیـة الـغفلـة‏‎ ‎‏عن عدم کونهما من الـکیفیات الـنفسانیـة بما هو محلّ الـبحث هنا، و إلاّ لا‏‎ ‎‏کلام فی إتصاف الـنفس بالـمرض و الـصحّـة کما مرّ توضیحـه، فلـیراجع.‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 338
قوله:‏ و من ببعض أعضائـه آفـة.‏‏[‏‏4 : 148 / 10‏‏]‏

‏إشارة إلـیٰ أنّ الـموضوع هو الإنسان، و الإنسان الـکذائی لا یحمل‏‎ ‎‏علـیـه الـمریض و لا الـصحیح.‏

قوله:‏ و ردّ علـیـه الـشیخ.‏‏[‏‏4 : 148 / 11‏‏]‏

أقول:‏ قد مرّ أنّ الـصحّـة و الـمرض عبارتان عن الـکیفیتین الـمزاجیتین‏‎ ‎‏الـمتضادّتین علـیٰ مسلـک، و عدم و ملـکـة علـیٰ مسلـک.‏

‏ولـکن الـتحقیق الـذی ألـهمنی الله تعالـیٰ هو: أنّ الأعدام و‏‎ ‎‏الـملـکات و الـمتضادّات من الـمحامیل بالـضمیمـة، و أمّا الـصحّـة و‏‎ ‎‏الـمرض من خوارج الـمحمولات؛ ضرورة أنّ ما هو الـمناط و الـملاک فی‏‎ ‎‏الـتفرقـة بینهما هو أنّ کلّ محمول بالـضمیمـة عبارة عن الـمبدأ الـذی بتبعـه‏‎ ‎‏یعرض مفهوم الـمشتقّ علـیٰ الـذات الـمتّصفـة بـه، وإلاّ فنفس الـمبدأ أحریٰ‏‎ ‎‏أو ألـیق لهذا الـحمل؛ لـکونـه فرده الـذاتی. مثلاً الـبیاض مبدأ عند عروضـه‏‎ ‎‏علـیٰ الـجسم، یقال: الـجسم أبیض، ولـکن بالـذات الـبیاض أبیض، و لیست‏‎ ‎‏الـصحّـة صحیحاً و الـمرض مریضاً. فبذلک یعلـم أنّهما لیسا من ضمائم‏‎ ‎‏لـموجود.‏

‏و أمّا کونهما خارج الـمحمول الـذی معناه اعتبار الـمفهوم من صراح‏‎ ‎‏ذات الـشیء، فالـصحّـة و الـمرض یعتبران من نفس الـمزاج الـواقع بین‏‎ ‎‏الـمبدأ و الـمنتهیٰ؛ أی أنّ الـمزاج الـمعتدل أمر الـواقع فی حدّ معیّن یعتبر‏‎ ‎‏منـه الـصحّـة، و من غیره یعتبر الـمرض.‏

‏فالـصحّـة و الـمرض لیسا من الـحقائق الـنفس الأمریـة حتّیٰ یقال‏‎ ‎‏إنّهما جوهر أو عرض، بل نقول الـصحّـة و الـمرض من الاُمور الانتزاعیـة‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 339
‏الـتی تکون موجودیتها بنفس موجودیـة منشأ انتزاعها، مثل موجودیـة‏‎ ‎‏الـفوقیـة و الـتحتیـة. و موجودیـة الـماهیات أیضاً من هذا الـقبیل، فإنّ‏‎ ‎‏الـصحّـة یحمل علـیٰ الـمنشأ بالـحمل الـغیر الاشتقاقی فیقال لـه: الـصحّـة‏‎ ‎‏فلا یکون من الاُمور الاعتباریـة کما قد یتوهّم.‏

‏إذا عرفت ذلک فاعلـم: أنّ الـصحّـة و الـمرض إنّ کانا ضدّین فبینهما‏‎ ‎‏الـوساطـة، کما یقال لمن یتمّ اقتضاء صدور الأفعال الـسلـیمـة عنـه: إنّـه لیس‏‎ ‎‏مریضاً؛ لعدم کونـه منشأً للأفعال الـغیر الـسلـیمـة و لا صحیحاً أیضاً لتلـک‏‎ ‎‏الـجهـة و إن قیل: إنّهما من قبیل الأعدام و الـملـکات. فالـشیخ الـذی لیس‏‎ ‎‏لـه انتظار الـصحّـة لیس لـه الـملـکـة الـشخصیـة عند عروض الـمرض.‏

‏نعم بالـقیاس إلـیٰ الـنوع صحیح، ولـکنّـه لیس من الـعدم و الـملـکـة‏‎ ‎‏الـحقیقیـة؛ ضرورة أنّ الـشیخ لیس لـه شأن الـصحّـة فلا یکون مریضاً بذلک‏‎ ‎‏الـمعنیٰ، بل هو مریض بالـمعنیٰ الـمتوسّط بین الـصحّـة و الـمرض و إن‏‎ ‎‏قلـنا بمقالـتنا فلا یکون واسطـة؛ لما أنّ الـمزاج مادام فی الـعرض الـعریض‏‎ ‎‏إمّا صحیح أو مریض و عند الاضمحلال فلا موصوف.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ عفی عنه

‏ ‏

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 340