الجواهر و الأعراض

فصل (1) فی القدرة

فصل (1) فی القدرة

‏ ‏

قوله:‏ و ضدّ ذلک هو الـعجز.‏‏[‏‏4 : 112 / 1‏‏]‏


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 297
‏و فیـه خلـط؛ فإنّ الـعجز لیس ضدّاً للـقدرة بل هو عدم ملـکـة کما هو‏‎ ‎‏الـواضح. مع أنّ الـقدرة و الـعجز من الـصفات الـنفسانیـة و لا تضادّ بینهما‏‎ ‎‏کما تقرّر فی محلّـه.‏

قوله:‏ إن بقی الـتردّد.‏‏[‏‏4 : 112 / 8‏‏]‏

أقول:‏ لم یظهر وجـه لـکلـمـة الـتردّد إلاّ أنّ الـفعل بالـنسبـة إلـیـه أیضاً‏‎ ‎‏بالإمکان، و إن مُثّل لـه بالـعادة و الـخُلـق فهو صواب.‏

‏فتحصّل: أنّ الـفعل بالـنسبـة إلـیٰ الـقدرة بالإمکان، و بالـنسبـة إلـیٰ‏‎ ‎‏الـخُلْق بالـرجحان، و بالـنسبـة إلـیٰ الإرادة بالـوجوب. و أمّا بالامتناع فهو‏‎ ‎‏بالـنسبـة إلـیٰ عدم حصول مبادئ الإرادة، کما أنّـه بالـمرجوح بالـنسبـة‏‎ ‎‏إلـیٰ مقابل الـخُلـق و الـعادة.‏

‏و قد یتوهّم: أنّ نسبـة الـفعل إلـیٰ الـقدرة بما لها من الـطرفین بالإمکان‏‎ ‎‏و بالـنسبـة إلـیٰ الـطرف الـواحد بالـوجوب فلا شیء یسمّیٰ بالإرادة، و هو‏‎ ‎‏فاسد؛ فإنّ الـفعل إذا کان بالإمکان فلابدّ من مرجّح یرجّح أحد الـطرفین حتّیٰ‏‎ ‎‏یصیر بالـوجوب و إلاّ فبالامتناع، و الـمرجّح الـبالـغ إلـیٰ حدّ الإیجاب‏‎ ‎‏یسمّیٰ بالإرادة.‏

قوله:‏ فهی خارجـة عن حدود الإمکان.‏‏[‏‏4 : 112 / 10‏‏]‏

أقول:‏ الـمراد من الإمکان هنا هو الأوصاف الإمکانیـة، و الـقدرة من‏‎ ‎‏الأوصاف الإمکانیـة إن کان الـموصوف ممکناً، و من الأوصاف الـوجوبیـة إن‏‎ ‎‏کان الـموصوف واجباً. و بما کانت الـواجب بسیطاً فالأوصاف فیـه واحدة مع‏‎ ‎‏الـذات. و لیس الـفعل بالـقیاس إلـیٰ مبادئ ذلک الـموصوف مختلـف الـحال‏‎ ‎‏تارة بالـوجوب و اُخریٰ بالإمکان، بل لمّا کانت الـمبادئ فی ذلک الـموصوف‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 298
‏غیر مترتّبـة إعداداً، لا یکون الـفعل مختلـفـة الأحوال.‏

‏قال الـشیخ فی «الـتعلـیقات»: و نحن إنّما نرید الـشیء لأجل شهوة أو‏‎ ‎‏لذّة لا لأجل ذات الـشیء الـمراد. ولو کانت اللـذّة أو الـشهوة أو غیرهما من‏‎ ‎‏الأشیاء شاعرة بذاتها وکان مصدر الأفعال عن ذاتها، لکانت مریدة لتلک الأشیاء‏‎ ‎‏لذاتها؛ لأنّها صادرة عن ذاتها، و الإرادة لاتکون إلاّ لشاعر بذاتـه.‏‎[1]‎‏ انتهیٰ.‏

‏فتحصّل: أنّ الـترتیب الإعدادی بین الـمبادئ لضعف صاحبها. و إذا کان‏‎ ‎‏فوق الـتمام الـمبادئ تصیر واحدة و هو الـذات بأوصافها.‏

قوله:‏ ولو کان الـشرط فی الـقدرة أن لایکون عین الإرادة.‏‏[‏‏4 : 113 / 4‏‏]‏

‏و هذا باب فتحـه الله تعالـیٰ لخاصّـة أولیائـه، و قد فصّلـه والـدی‏‎ ‎‏الـعارف ـ دام ظلّـه الـوارف ـ فی «آداب الـصلوة» و ملخصّـه هو:‏

‏أنّ الألفاظ موضوعـة بحذاء الـمعانی الـعامّـة و الـمفاهیم الـکلّیـة، و‏‎ ‎‏معنیٰ ذلک هو أنّ الـموضوع لـه اللـفظ هو الـملاک لا ما هو الـمشوب بـه.‏‎ ‎‏مثلاً الـعلـم معناه ـ عند الـواضع بناءً علـیٰ ما حقّقناه فی محلّـه أنّ الـواضع‏‎ ‎‏هو الـبشر بمالـه من الأفراد الـمتعاقبـة ـ هو الـصورة الـحاصلـة من الـشیء‏‎ ‎‏عند الـعقل. لـکنّـه ذو جهتین: أحدهما جهـة الانکشاف، ثانیهما جهـة حصول‏‎ ‎‏الانفعال فی الـنفس بتوسّط تلـک الـصورة. و بعبارة اُخریٰ لـه جهتان: الاُولیٰ:‏‎ ‎‏هو الـجهـة الـکمالـیـة و هو انکشاف الـشیء بـه، و الـثانیـة: الـجهـة‏‎ ‎‏الـنقصیـة و هو الانفعال الـمخصوص.‏

‏فإن سألت الـواضع أنّ الـموضوع لـه هو الأوّل فقط حتّیٰ یکون الـعلـم‏‎ ‎‏الـحضوری علـماً، أو أنّ الـموضوع لـه هو الأوّل الـمشوب بالـثانی حتّیٰ لا‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 299
‏یکون الـعلـم الـحضوری علـماً، فلابدّاً یجیب بأنّ الـنقص بما أنّـه نقص‏‎ ‎‏لا مدخلـیـة لـه فی الـوضع، فیعلـم منـه أنّ الـموضوع لـه هو الـمعنیٰ الـعام،‏‎ ‎‏و هکذا سائر الألفاظ الـحاکیـة عن الـمعانی الإمکانیـة. و من ذلک یفتتح باب‏‎ ‎‏الـوصول إلـیٰ حقائق الـقرآن و دقائقـه، فافهم و اغتنم.‏‎[2]‎

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

‏ ‏

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 300

  • )) التعلیقات، ابن سینا : 16 .
  • )) راجع آداب الصلاة، الإمام الخمینی قدّس سرّه : 250 ـ 249 .