فصل (2) فی الردّ علیٰ القول بأنّ کیفیات الأجسام نفسُ أشکالها و بأنّها نفس الأمزجة
قوله: بطلان هذا الـمذهب.[4 : 66 / 10]
أقول: فی کثیر ممّا أورده الـماتن علـیهم إشکال؛ إمّا یرجع إلـیٰ مبنیً هو فاسد عندهم، أو إلـیٰ ما یمکن الاحتمال فیـه مع أنّ الـمباحث الـعقلـیـة لابدّ و أن تُسَدّ فیها جمیع أنحاء الاحتمالات، حتّیٰ قال الـشیخ فی «الـشفاء»: «و لیس یقنعـه أنّ هذه الأشیاء توجد تارة و تعدم تارة و الـشیء الـمشار إلـیـه قائم موجود؛ فإنّهم یقولون إنّـه لیس یعدم ذلک بل یأخذ یفارق قلـیلاً قلـیلاً،
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 237
مثل الـماء الـذی یبتلّ بـه الـثوب فإنّـه بعد ساعـة لایوجد هناک ماء و یکون الـثوب موجوداً بحالـه و لایصیر الـماء بذلک عَرَضاً بل الـماء جوهر لـه أن یفارق جوهراً آخر لاقاه، فربّما فارقت مفارقـة مفترقـة» انتهیٰ.
و الـتحقیق فی جوابهم أوّلاً: أنّـه إن یرجع مذهبهم إلـیٰ أنّ الـواحد بما هو واحد منشأ للإحساسات الـمختلـفـة، و الإحساس الـمتفاوت بحیث یکون الـتفاوت من طرف الـحاسّ لا الـمحسوس، کما فی الـنفس الـواحد الـفاعل فی الـمراکز الـمختلـفـة أفاعیلَ متفاوتـة بحیث یکون الـتفاوت بها لا بالـنفس، فهو کلام قابل للـبحث حولـه ولـکن الـذی یظهر منهم لیس ذلک.
و ثانیاً: الأشکال الـمختلـفـة و الأوضاع الـمتفاوتـة و الـحالات الـمتبادلـة و الـهیئات الـمتناوبـة أمر واقعی فی الأجسام أو هی أیضاً ترجع إلـیٰ اختلاف الـحواسّ و أشتات الإحساسات. فإن کان الـثانی فهم منکروه، و إن کان الأوّل فهو لیس بأولیٰ من الـنفسیـة للأجسام من الأعراض الإحساسیـة الـتی اعتقدها الـحکماء أنّها کذلک، فهو رجوع إلـیٰ مقالـتهم و رجوع عن خصوصیتها و هو لیس من دأب الـمتحصّلـین.
إن قلـت: الـحکیم یفتّش عن الـحقائق، و الـتکوین عبارة عن ذلک.
قلـت: الـعقل الـسلـیم و الـفطرة الـحقّـة حاکمـة بأنّ هذه الأوصاف أوصاف نفسانیـة للأجسام، و اختلاف الـحالات و الأوضاع یوجب الـحجاب بین الـواقعیات و الإدراک، و إلاّ فتمام الـذات فی الـسُکَّر هو الـحلاوة إلاّ أنّ الـموانع ـ تارة ـ و الـحالات الـطارئـة ـ اُخریٰ ـ الـموجبة لـکسر
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 238
الـمقتضیات یوجب الـحجاب و الـستر بینهما و إن شئت برهاناً فراجع «شفاء» أبیعلـی.
من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه
قوله: الـقائم الـناظر.[4 : 67 / 3]
و هذا عن عبارة الـشیخ فی الـفنّ الـخامس من «الـشفاء» فراجع.
قوله: غایات فی الـتضاد.[4 : 67 / 13]
و قد عرفت سابقاً: أنّ اعتبار هذا الـشرط فی الـتضادّ غیر صحیح. فعلـیـه لا مانع من وقوع الـتضادّ بین مراتب الـمزاج.
نعم، من شرائط الـتضادّ وحدة الـموضوع الـقریب، ولو کان اختلاف الـمحسوسات راجعاً إلـیٰ الـمزاج فلابدّاً یختلـف الـموضوع مع أنّ الـتضادّ بین بعض الـکیفیات موجود، اللهم إلاّ أن یقال: بأنّ من أنکر أصل الـکیفیات الـمحسوسـة ینکر الـتضادّ بینها رأساً.
و الـحجر الأساسی هو: أنّ الـمزاج أمر یرتبط بالـتأثیر و الـتأثّر بین الـعناصر الـبسیطـة الـجوهریـة الـمتقدّمـة علـیٰ هذه الـکیفیات الـمتأخّرة عنها رتبـة ولو کانت الـکیفیات ترجع إلـیٰ الأمزجـة، یلـزم کون الـمزاج الـواحد لوناً من حیث الـطعم و طعماً من حیث اللـون. و إن قیل: بأنّـه لون من جهـة و طعم من جهـة اُخریٰ، قلـنا: فإذن نسألـکم من تلـک الـجهتین، کلّ جهـة عنیَتها للـون نجعلـها للـطعم و بالـعکس و لاترجیح، فتأمّل.
من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 239