فی العلم الإلهی بالمعنیٰ الأعمّ

فصل (9) فی قول المتقدّمین إنّ النفس إنّما تعقل باتّحادها بالعقل الفعّال

فصل (9) فی قول المتقدّمین إنّ النفس إنّما تعقل باتّحادها بالعقل الفعّال

‏ ‏

قوله:‏ لا مرّة واحدة بل مراراً.‏‏[‏‏3 : 336 / 6‏‏]‏

‏توضیحـه: إنّ الـعقل الـفعّال الـمتجزّی و الـمتشکّل عن الـمختلـفات‏‎ ‎‏الـحقیقـة الـغیر الـمتناهیـة ـ مضافاً إلـیٰ بطلانـه من هذه الـجهـة ـ باطل من‏‎ ‎‏جهـة أنّ الـنفوس لـمّا کانت غیر متناهیـة عدداً و تعقّلاً، یلـزم أن یکون‏‎ ‎‏الـسواد الـموجود فیـه غیرمتناه مراراً؛ لأنّ بکثرة الـنفوس الـغیر الـمتناهیـة‏‎ ‎‏الـعاقلـة للـسواد غیر متناه، و بکثرة الـتعقّل الـغیر الـمتناهی أیضاً ـ لأنّـه لا‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 95
‏مانع من أن یتعقّل الـسواد مرّتین و مراراً لـکلّ أحد ـ غیر متناه أیضاً کما هو‏‎ ‎‏الـواقع جداً.‏

‏و أمّا قولـه: «کلّ منها غیر متناهیـة» إمّا عطف تفسیر الـسابق، أو یرجع‏‎ ‎‏الـضمیر إلـیٰ الـمختلـفـة الـحقایق، لأنها یلـزم الـغیر الـمتناهی مراراً فی‏‎ ‎‏الـسواد و الـبیاض و أمثالـهما.‏

‏ثمّ اعلـم: أنّ ما یرد علـیٰ هذه الـحجّـة ـ مضافاً إلـیٰ ما أورده‏‎ ‎‏الـماتن ‏‏قدس سره‏‏ ـ یرد: أنّ الـتعقّلات الـمتعدّدة لا یلـزم اتّحاداً ثانویاً حتّیٰ یلـزم‏‎ ‎‏الـجهل بالـنسبـة إلـیٰ الـسواد مع أنّـه یُعقل حقیقـة، بل ذلـک یکون من‏‎ ‎‏الـعلـم بالـعلـم الـذی لـیس إلاّ الـعلـم، کما أوضحناه سابقاً و أمددناه‏‎ ‎‏بالـبرهان الـقویم الأرکان.‏

من السیّد مصطفیٰ

قوله:‏ هذا خلـف.‏‏[‏‏3 : 336 / 10‏‏]‏

‏و الـحقّ: أنّ طریق الـمناظرة لـیس هکذا، لأنّ قیاس الـخلـف هو أنّـه‏‎ ‎‏عبارة عن الـتخلّف فی الـفرض الـمبتنی علیـه الـبرهان، و هذا لـیس هنا؛‏‎ ‎‏لأنّ الـعقل الـفعّال إمّا بسیط أو مرکّب، و کلّ واحد إذا فرض یلـزم الـمحال‏‎ ‎‏الآخر و هو الـتسلـسل لا الـتخلّف.‏

‏نعم، إذا کان لازم الـتسلـسل أو الـموجودات الـغیر الـمتناهیـة بالـفعل‏‎ ‎‏الـخلـفَ، لاتصل الـنوبـة إلـیـه، لأنّـه بطل الـبرهان و لـم یبق مجال لـه. نعم‏‎ ‎‏یمکن توجیهـه کما لا یخفیٰ بوجـه بعید.‏

‏ثمّ الـترکّب یلـزم بالـنسبـة إلـیٰ متّفقـة الـحقایق و الـمتّفقـة فی الـنوع‏‎ ‎‏الـواحد، لأنّ الـتمیّز بینهما یحتاج إلـیٰ الـمادّة و الـمدّة، و أمّا الـحقایق‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 96
‏الأوّلـیـة الـمتباینـة الـذوات فلا یلـزم الـمادّة حتّیٰ تتمایز بل ذاتها بذاتها‏‎ ‎‏متمایزة، فتدبّر جیّداً.‏

من السیّد مصطفیٰ

قوله: ‏ثالـثها أنّ وحدة الـعقول.‏‏[‏‏3 : 337 / 18‏‏]‏

‏لـعمری إنّـه لا نحتاج إلـیٰ الـمقدّمـة الـثالـثـة، لأنّـه من الـمقدّمات‏‎ ‎‏الـبعیدة لإثبات هذا الـمطلـب و تشریحٌ لـقاعدة کلّیـة لا دخل بها هنا فقط، بل‏‎ ‎‏الـمطلب تمَّ بالاُولـیٰ و الـثانیـة.‏

‏و ذلـک لا بما أوضحـه الـماتن، بل الـتحقیق ما أشار إلـیـه الـمحشّی‏‎ ‎‏من: أنّ الـکثرة الـخارجیـة لـطبیعـة نوعیـة لا یمکن إلاّ بالـمادّة و لـواحقها و‏‎ ‎‏الإمکان الاستعدادی و أحکامها. و أمّا الـطبایع الـتجرّدیـة فمجرّد الإمکان‏‎ ‎‏الـذاتی یکفی لأصل تحقّقـه و لا یمکن تکثّره.‏

‏إذا عرفت ذلـک فمن الـمجرّدات الـمتکثّرة ـ بناءً علـیٰ عدم الاتّحاد مع‏‎ ‎‏الـعقل الـفعّال ـ الـصور الـمجرّدة الـجوهریـة الـحاصلـة عند الـنفس، و‏‎ ‎‏بناءً علـیٰ الاتّحاد لایلـزم الـتکثّر بلا مادّة، فلـیتأمّل جیّداً.‏

من السیّد مصطفیٰ الخمینی

‏ ‏

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 97