فی العلم الإلهی بالمعنیٰ الأعمّ

المبحث الثالث فی غایات الأفعال الاختیاریة

المبحث الثالث فی غایات الأفعال الاختیاریة

‏ ‏

‏قوله:‏‏ خالـیاً عن الـحکمـة.‏‏[‏‏2 : 259 / 23‏‏]‏

‏کان ینبغی تقریر الإشکال الـذی یلـوح فی الـذهن و یظهر فی بادئ الأمر‏‎ ‎‏و یختلـج فی مخیّلـة بعض أصحاب الـتحصیل فی الـعصر و هو: أنّ الله‏‎ ‎‏تعالـیٰ کلّ الـکمال و لا حالـة منتظرة لـه تعالـیٰ و لا یزداد فیـه من جهـة من‏‎ ‎‏الـجهات شیء من إبداع الـتکوینیات و إبداع الـتشریعیات، و أنّـه تعالـیٰ‏‎ ‎‏لـیس فاعلاً بالـقصد و الـرویـة و لا عالـماً بالارتسام بعد وجود ذی الـصورة‏‎ ‎‏و الـصورات، فما الـداعی فی إیجاد الـعوالـم الـعینیـة و ما الـغرض؟‏

‏و توهّم: أنّ الـداعی إیصال الـمصالـح إلـیٰ الـعباد، فاسد کما تقرّر فی‏‎ ‎‏محلّـه؛ أو أنّ الـداعی وصول شیء إلـیـه، باطل؛ أو أنّ الـداعی معرفـة‏‎ ‎‏الأعیان الـثابتـة ذاتَـه تعالـیٰ زائداً علـیٰ معرفتـه بذاتـه، غیر تمام للـزوم‏‎ ‎‏الـنقص، فتنحصر بعد ذلـک کلّـه أن یکون الـفعل بلا غایـة و لا غرض و لا‏‎ ‎‏رویـة و لا فکر و أمثال ذلـک ممّا فی الـفواعل الإرادیـة الـتی تستکمل‏‎ ‎‏بالـغایات. فإثبات الـغایـة یرجع إلـیٰ ضعف فیـه تعالـیٰ عن ذلـک، و أمّا کون‏‎ ‎‏الـغایـة ما إلـیـه الـحرکـة فأفحش و أقرب إلـیٰ الـشیطنـة الـوهمیـة.‏

‏فانحصر فیما سلـکوه، و سبق حلّ هذه الـمعضلـة سهلاً و تیسّراً لـکلّ‏‎ ‎‏أحد، بل لا ینحلّ أمثال هذه الـمعضلات إلاّ لـمن لـه الـقدم الـراسخ فی‏‎ ‎‏الـفلـسفـة الـعلـمیـة الإلـهیـة و الـمعارف الـحقیقیـة الـربّانیـة، و قد عدّه‏‎ ‎‏الـماتن ‏‏رحمه الله‏‏ فی عِداد الأباطیل الـواضحـة مع أنّها أباطیل غیر واضحـة إنصافاً.‏‎ ‎من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 26
قوله: ‏فلـو أبطلـنا هذه الـقاعدة.‏‏[‏‏2 : 260 / 9‏‏]‏

‏اذا کان الـترجیح بلا مرجّح یرجع إلـیٰ الـترجّح، و إلاّ الـجائز یحتاج‏‎ ‎‏إلـیٰ الـعلّـة و عدم کونـه جزافاً إلـیٰ الـمرجّح، و الـبحث حولـه یطول،‏‎ ‎‏خصوصاً لـنا شبهـة لـم أعثر علـیٰ جوابـه بعد و لا أذکره خوفاً من الإضلال.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ عفی عنه

قوله: ‏و الـجواب.‏‏[‏‏2 : 262 / 3‏‏]‏

‏و الـجواب عن کلّ الـشبهات بأنّ أساس الـفلـک منهدم و بنیانـه، غیر‏‎ ‎‏مستقیم کما ثبت فی الـعصر من کُبِرْنیک و الـغالـیلـة. و لـی رسالـةٌ فی الـهیئة‏‎ ‎‏ردّاً علـیٰ رسالـة «الـهیئـة و الإسلام»،‏‎[1]‎‏ متضمّنـة لـشؤون الـمسائل من‏‎ ‎‏الـبُعد الـهیویـة.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی

قوله: ‏فلـیس فی الـوجود إلاّ هو.‏‏[‏‏2 : 264 / 14‏‏]‏

‏لـیس یخفیٰ علـیٰ الـفطن الـعارف برموز دقائق هذا الـکتاب و الـکنوز‏‎ ‎‏الـمخفیّـة فی هذه الأساطیر الـتی لـیست فی الـکتب الآخرین قدیماً و حدیثاً:‏‎ ‎‏أنّ الـمشرب قبل کلام الـعارف أبیالـخیر غیر الـمشرب الـذی اختاره بعده.‏

‏قال والـدی الـعارف فی «شرح دعاء الـسحور» ملـخّصاً و فی‏‎ ‎‏«الـمصباح الـهدایـة إلـیٰ الـخلافـة و الـولایـة» مفصّلاً: «إنّ قولـه ‏‏علیه السلام‏‎ ‎‏«أحبّ الـمسائل» إشارة إلـیٰ الـسؤال الـواقع فی الـحضرة الـعلـمیـة‏‎ ‎‏الـجمعیـة من الأسماء الإلـهیـة لـکونها مفتاح الـظهور و الـمعرفـة، و الأحبّ‏‎ ‎‏من الأحبّ هو سؤال ربّ الإنسان الـجامع الـکامل الـحاکم علـیٰ الأسماء و‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 27
‏الـصفات و الـشؤون و الاعتبارات، هذا بحسب مقام الـتکثیر. و أمّا بحسب‏‎ ‎‏مقام الـتوحید و الارتباط الـخاصّ بین کلّ موجود مع ربّـه بلاتوسّط واسطةٍ،‏‎ ‎‏فکلّ الـمسائل إلـیـه حبیبـه»‏‎[2]‎‏ انتهیٰ مغزیٰ مرامـه.‏

‏و فی هذا الـمختصر و الأنموزج الـمعتبر تفصیلات لـو استغرقنا فی بحر‏‎ ‎‏من بحارها الـمحیطـة فالـنجاة منها مشکل، و نموزجات لـو شرعنا فی‏‎ ‎‏تفصیلـها فالـکتاب الـواحد فی کفایتـه عنها أشکل، و مجمل الـحلّ أنّ‏‎ ‎‏الـکثرة الاعتباریـة لا یحاذی شیئاً، ولـو کان لا ینحلّ الـمعضلـة الـتی بنینا‏‎ ‎‏فی الـصفحـة الـماضیـة.‏

مصطفیٰ خمینی

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 28

  • )) هذه من الرسائل المفقودة للمصنّف  قدس سره .
  • )) شرح دعاء السحر، الإمام الخمینی : 131.