فی العلم الإلهی بالمعنیٰ الأعمّ

فصل (4) فی إبطال الدور و التسلسل فی العلل و المعلولات

فصل (4) فی إبطال الدور و التسلسل فی العلل و المعلولات

‏ ‏

قوله: ‏و متعلّقـة الـوجود بالـمعلول معلول.‏‏[‏‏2 : 144 / 19‏‏]‏

أقول:‏ الـتقریب الـقریب هو أنّ کلّ شیء صدق علـیـه عنوان الـعلّیـة و‏‎ ‎‏الـمعلـولـیـة لـه الـطرفان، و تلـک الـسلـسلـة یصدق علـیـه عنوان الـعلّیـة‏‎ ‎‏لـکونها علّـة للمعلول الأخیر، فالـمعلول الأخیر طرفها للمعلولـیـة و یصدق‏‎ ‎‏علیـه عنوان الـمعلـولـیـة کعلّیـة الآحاد لـها علّیـة الأجزاء للمرکّب، فلابدّ من‏‎ ‎‏الـطرف فی الـعلّیـة و هو مفقود. فیعلم تناهی الـسلسلـة.‏

‏و الـمغالـطـة: أنّ کلّ ما هو صادق علـیـه الـعلّیـة و الـمعلولـیـة فلـه‏‎ ‎‏طرفان یصحّ فی الـعلـل و الـمعالـیل الـواقعیـة لا الاعتباریـة، و لـذلـک ولـو‏‎ ‎‏کانت الـسلـسلـة متناهیـة أیضاً یصدق علـیـه الـعلّـة و الـمعلول: أنّها الـعلّـة‏‎ ‎‏بالـقیاس إلـیٰ الأخیر، و یصدق علـیها الـمعلـول لاحتیاج الـمرکّب ـ و هی‏‎ ‎‏الـسلـسلـة فی لـحاظ الاجتماع ـ إلـیٰ الأجزاء و هو الـکلّ فی لـحاظ‏‎ ‎‏الـکثرة، فتناهی الـسلـسلـة و لاتناهیها لامدخل لـه فی الـمطلـوب الـمترتّب‏‎ ‎‏علـیـه. فما هو الـثابت فی کبریٰ الـمسألـة هو الـمعلـول الـمفاض وجوده لا‏‎ ‎‏الـمعلـول الاعتباری.‏

‏نعم یمکن تقریب الـبرهان بوجـه آخر و هو: أنّ کلّ واحد من آحاد‏‎ ‎‏الـسلـسلـة معلـول فلابدّ لـه من طرف (علّـة). أمّا الـطرف فی ناحیـة الـعلّیـة‏‎ ‎‏فینتهی إلـیٰ الـمعلـول الأخیر، و أمّا الـطرف فی ناحیـة الـمعلـولـیـة فإن کان‏‎ ‎‏علّـة دون الـمعلـول فهو الـمطلـوب، و إن علّـة و معلولاً فهو فی الـسلسلـة‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 18
‏مندرج و محکوم علـیـه بحکم لـزوم الاحتیاج إلـیٰ الـطرف، فیسلـم الـبرهان‏‎ ‎‏عمّا یرد علـیـه.‏

‏و الـعجب منـه حیث قال: «هو أسدّ الـبراهین». و لـعمری إنّ جمیع‏‎ ‎‏الـبراهین مخدوشـة إلاّ الأسدّ الأخصر الـمنسوب إلـیٰ الـفارابی.‏

من الفانی السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

قوله: ‏و هذا أسدّ الـبراهین فی هذا الـباب.‏‏[‏‏2 : 145 / 4‏‏]‏

‏و لا یخفیٰ عدم اختصاصـه بالـعلـل و الـمعالـیل، فیأتی لـنفی بُعد الـغیر‏‎ ‎‏الـمتناهی علـیٰ الـقول بـه، خلافاً لـنا فی حواشینا علـیٰ الـجواهر و‏‎ ‎‏الأعراض، و لـنفی الـلامتناهی فی الأوضاع. و یتبدّل لـفظ الـعلّـة و الـمعلول‏‎ ‎‏بلفظ الـمتقدّم و الـمتأخّر فیتمّ الـمطلـوب، فافهم و اغتنم.‏

‏ ‏

السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

‏فی لیلة الأحد من شهر شوّال المکرّم سنة 1379‏

‏ ‏

قوله: ‏و الـثانی برهان الـتطبیق.‏‏[‏‏2 : 145 / 5‏‏]‏

‏الـمغالـطـة فیها: أنّ الـجملـة الـثانیـة تزید علـیٰ الـجملـة الاُولـیٰ‏‎ ‎‏بمقدار متناه من الـجهـة الـمتناهیـة لا من الـجهـة الـغیر الـمتناهیـة، والـزائد‏‎ ‎‏علـیٰ الـغیر الـمتناهی من ناحیـة الـمتناهیـة بمقدار متناهی لـیس بمتناهٍ إلاّ‏‎ ‎‏من تلـک الـناحیـة.‏

‏و بعبارة اُخریٰ: لـو کان شیء غیر متناه من طرف الـمشرق و هو متناه من‏‎ ‎‏طرف الـمغرب، فیمکن ازدیاد أحد الـغیر الـمتناهیین علـیٰ الآخر بمقدار متناه‏‎ ‎‏من غیر لـزوم تناهیهما، لأنّ الازدیاد من الـطرف الـمتناهی لا الـطرف الآخر.‏‎ ‎‏فبعد الـتطبیق، الـجزء هو الـخطّ بعد الـتطبیق، و الـکلّ هو ذلـک مع الـمقدار‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 19
‏الـمقطوع، ولـکن الـسلـسلـة من طرفها الـغیر الـمتناهی باقٍ علـیٰ حالـها.‏

من السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

قوله:‏ و سیأتی ما فیـه.‏‏[‏‏2 : 153 / 6‏‏]‏

‏فی الـهدم الآتی.‏

قوله: ‏برهان الـتضایف.‏‏[‏‏2 : 162 / 2‏‏]‏

أقول:‏ الـذی یستدعیـه الـوجدان و الـبرهان: أنّ الـمتضایفین متکافئان‏‎ ‎‏فی الـمفهومیـة دون ذوات الـمتضایفین.‏

‏و بعبارة اُخریٰ: مفهوم الـعلّیـة متقوّم بمفهوم الـمعلولـیـة و بالـعکس. و‏‎ ‎‏مفهوم الـعاقلـیـة و الابُوّة متقوّم بمفهوم الـمعقولـیـة و الـبنوّة دون ذواتها.‏

‏فلـو کانت ذات الـعلّـة مجرّدة، تستدعی تجرّد الـمعلول بتلک الـجهـة.‏‎ ‎‏ولـو کانت ذات الـعلّـة بسیطـة تستدعی بساطـة الـمعلول، و هکذا. فَعلیـه‏‎ ‎‏لاتستدعی الـعلّـة بما أنّها محضـة معلولاً محضاً، و لا الـمعلول بما أنّـه محض‏‎ ‎‏الـعلّةَ الـمحضـة، فلا تضایفَ بین الـعلّـة و الـمعلول، بل الـتضایف بین‏‎ ‎‏الـعلّیـة و الـمعلولـیـة، فالـعلّیـة تستدعی الـمعلولـیـة ولـو أضیفت بها‏‎ ‎‏الـصفـة الاُخریٰ مثل الـمحضـة و الـبساطـة.‏

‏و بعبارة ثالـثـة: اشتهر فی ألـسن عوامّ الـحکماء، أنّ الـمتضایفین‏‎ ‎‏متکافئان فی الـعدد أو عدداً و بتلـک الـجهـة یتمّ برهان الـتضایف، ولـکنّـه‏‎ ‎‏باطل؛ ضرورة أنّ الـعلّـة للمعلولـین ممّا أطبقت علیـه الـحکماء، فالـعدد فی‏‎ ‎‏ناحیـة الـعلّـة واحد و فی ناحیـة الـمعلـول متکثّر. و لـعمری إنّ الـماتن کان‏‎ ‎‏متوجّهاً إلـیٰ أمثال تلـک الـخدشات فی الـبراهین.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه


کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 20
قوله: ‏الـسادس برهان الـحیثیات.‏‏[‏‏2 : 163 / 13‏‏]‏

أقول:‏ لا بأس بأن یحصل منـه الـقطع و الـعلـم، فیعدّ برهان الـحیثیات،‏‎ ‎‏إلاّ أّنـه إذا کان الـنفس متوجّهاً إلـیٰ جریانـه فی الـنفوس ـ مع أنّها غیر‏‎ ‎‏متناهیـة عند الـحکماء بالـدلـیل ـ فلا یحدس تناهی الـسلـسلـة.‏

‏و توهّم: أنّ فی الـنفوس برهان یؤدّینا إلـیٰ عدم الـتناهی بخلافـه هنا‏‎ ‎‏فیمکن الـحدس؛ فاسد، لأنّ قیام الـبرهان فی موضع لایورث الاحتمال لـعدم‏‎ ‎‏تناهی جمیع الـمواضع الـتی تجری فیها تلـک الـمقدّمات.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

قول المحشّی:‏ لَنعم ما صنع السیّد الداماد.‏‏[‏‏2 : 163 / 20‏‏]‏

‏و لَبئس ما صنع السیّد الداماد، حیث التزم بأنّ الممکن لـه إمکانان بل‏‎ ‎‏إمکانات غیر متناهیـة، لانّـه یلـزم من مقالـه إمکان زید مرّة، و إمکانـه مع‏‎ ‎‏عمرو مرّة اُخریٰ، و معـه و مع بکر مرّة ثالـثـة، و هو ظاهر الـبطلان.‏

‏هذا مع أنّ علـی فرض الـصحّـة لا یتمّ الـمطلـوب؛ فإنّ جمیع‏‎ ‎‏الـسلـسلـة لـیس لـه حدّ حتّیٰ یَنسحِب الـحکم إلـیـه. مع أنّ فردیتـه للـعامّ‏‎ ‎‏لایمکن إلاّ بعد الـمحدودیـة، و إذا فرض الـحدّ یلـزم الـخلـف. و الـعجب من‏‎ ‎‏الـعلاّمـة الـسبزواری حیث تعرّض لـه و لـم یأت ما فیـه ظاهر، و لـعلّـه‏‎ ‎‏اقتفاء بأثر الـمصنّف احتراماً لـه  ‏‏رحمه الله‏‏و هو إنصافاً فی محلّـه.‏

من العبد الصغیر السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

قوله: ‏الـتاسع الـبرهان الأسدّ الأخصر.‏‏[‏‏2 : 166 / 7‏‏]‏

أقول:‏ و قد اتّخذ منـه الـشیخ الـبرهان الـمنسوب الـیـه علـیٰ ما ببالـی‏‎ ‎‏بالأسدّ الأخصر ایضاً. ولـکن الأسدّ الأخصر للـشیخ سخیفٌ، و للـفارابی فی‏‎ ‎

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 21
‏غایـة الـمتانـة و الـقوّة.‏

أمّا تقریب الأوّل:‏ فلأنّ جمیع الـسلـسلـة معلـول، فلابدّ لـه من علّـة. فإن‏‎ ‎‏کان ما فرض لـها من الـعلّـة یکون معلولاً فهو داخل فی الـسلسلـة، و إن لـم‏‎ ‎‏یکن معلـولاً فهو الـمطلـوب، لانتهائها.‏

‏وفیـه: أنّ جمیع الـسلـسلـة معلـول، و الـعلّـة آحادها، فلا علّـة سواها،‏‎ ‎‏فلا یثبت انتهائها.‏

و أمّا الثانی فتقریبه:‏ أنّ الـشیء إذا کان محتاجا إلـیٰ شیء آخر هو‏‎ ‎‏محتاج إلـیٰ ثالـث فیما فیـه الاحتیاج، فلا یسدّ باب احتیاج الـشیء الأوّل إلاّ‏‎ ‎‏بأن یکون الـشیء الـثالـث غیر محتاج إلـیـه برابع، و إلاّ فهو لـو احتاج إلـیٰ‏‎ ‎‏الـرابع الـمحتاج إلـیٰ الـخامس و هکذا إلـیٰ غیر الـنهایـة، لا یصیر الـشیء‏‎ ‎‏الأوّل غنیاً؛ و حیث فرض غنائـه، فیعلـم انتهاء الـسلـسلـة إلـیٰ ما لایحتاج‏‎ ‎‏إلـیٰ غیره و هو الـمطلـوب.‏

‏ثمّ إنّـه لایفرق فی تمامیـة هذا الـبرهان بین کون مصبّـه الـوجود و‏‎ ‎‏الـشیءُ هو الـماهیـة، أو مصبّـه کمال الـوجود و الـشیءُ الـمفروض هو أصل‏‎ ‎‏الـوجود.‏

من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه

‏ ‏

 

کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [ص‍درال‍دی‍ن ش‍ی‍رازی ]صفحه 22