سورة البقرة

إفاضة : حول الأمر بین الأمرین

إفاضة : حول الأمر بین الأمرین

‏ ‏

‏من الـممکن أن تکون الآیـة هکذا: إنّ الـذین کفروا سواء أنذرتهم‏‎ ‎‏یامحمّد أم لم تُنذرهم لایؤمنون لأجل انذارک، وأمّا أنّهم لایؤمنون مطلقاً‏‎ ‎‏فلایُستفاد من الـکتاب، فیسقط الاستدلال.‏

‏ومن إسناد الـفعل الـیـه ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ ومن إسناد الـکفر الـیهم ـ خذلهم اللّٰه‏‎ ‎‏تعالـیٰ ـ یثبت الاختیار، وینتقض قول الـمجبّرة والـقدریـة، ومن إثبات‏‎ ‎‏الـتسویـة بین الإنذار والـلاإنذار یستشمّ قول الـمعتزلـة والـمفوضّـة.‏

‏ومن انضمام قولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏إِنَّکَ لاَتَهْدِی مَنْ أَحْبَبْتَ‏»‏‎[1]‎‏ الـیٰ هذه‏‎ ‎‏الآیـة، یستظهر أنّ إنذاره ‏‏صلی الله علیه و آله وسلم‏‏ وعدم إنذاره متساوی الـنسبـة الـیٰ الـکفّار‏‎ ‎‏وغیر الـکفّار، فالـذین کفروا لایؤمنون بإنذارک والـذین آمنوا أیضاً لایؤمنون‏‎ ‎‏بإنذارک، ومقتضیٰ الـجمع بین هذه الـمقتضیات الـمختلفـة والآثار‏‎ ‎‏الـمتشتّـتـة، ثبوت الـحدّ الـوسط والـقول الـعدل، وهی مقالـة الإمامیّـة،‏‎ ‎‏وعلیها بعض أبناء الـتحقیق من الـعامّـة، وهی الأمر بین الأمرین، وهو أنّ‏‎ ‎‏الـعلل الـمتوسّطـة فی الـنظام الإلهی علل إعداد، والـعلّـة الـمفیضـة هی‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 132
‏الـعلّـة الاُولیٰ والـحقّ الأوّل، وضرورة أنّ الـنسبـة الـیٰ علّـة الإفاضـة أقویٰ‏‎ ‎‏بمراتب من الـنسبـة الـیٰ الـعلل الإعدادیـة، إلاّ أنّ الـفیض لایصل الـیٰ‏‎ ‎‏الـمتأخّر بدون تلک الـوسائط الإعدادیـة.‏

‏فالـقول بأنّ الـصغریٰ والـکبریٰ فیحصول الـعلم بالـنتیجـة غیر‏‎ ‎‏دخیلـة، قول فی جانب الإفراط‏‎[2]‎‏، والـقول بأنّ الـعلم الـثالـث معلول‏‎ ‎‏الـعلمین الأوّلین إعداداً وإفاضةً، قول فی جانب الـتفریط‏‎[3]‎‏، والـجاهل: إمّا‏‎ ‎‏مُفْرِط أو مُفَرِّط، وأمّا الـصراط الـمستقیم الـخارج عن حدّی الإفراط‏‎ ‎‏والـتفریط فقول الـحکماء الـعظام؛ حیث قالـوا:‏

‏ ‏

‏والـحقُّ أن فاض من الـقدسی الـصُّوَرْ‏

‎ ‎‏و إنّما إعداده من الـفِکَرْ‏‎[4]‎

‏ ‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 133

  • )) القصص (28) : 56 .
  • )) راجع شرح المقاصد 1 : 236 ـ 240 ، وشرح المواقف 1 : 241 ـ 242 .
  • )) راجع شرح المقاصد 1 : 237 ، وشرح المواقف 1 : 243 .
  • )) راجع شرح المنظومة (قسم المنطق) : 73 .