التوجیه السابع
حول ذکر «لایؤمنون»
لأحد أن یوجّـه الـسؤال عن وجـه تعقیب الـجملـة الاُولیٰ، وهی قولـه تعالـیٰ: «إِنَّ الَّذینَ کَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَیْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ»بقولـه تعالـیٰ: «لاَیُؤْمِنُونَ»، مع أنّ الـجملـة الـثانیـة بلا إفادة،ولأجل ذلک ذکر الأکثر: أنّها فی مقام توضیح الـجملـة الاُولیٰ، ولا محلّ لها من الإعراب، ولو أمکن الـفرار من أنّها لا محلّ لها من الإعراب؛ لما تحرّر منّا فی بحث الإعراب: من أنّها خبر «إنّ»، لما أمکن الـجواب عن الـسؤال الـمطروح بوجـه آخر: وهو أنّ کلّ واحدة من جملـة «سَوَاءٌ عَلَیْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ»وجملـة «لاَیُؤْمِنُونَ» تفید معنیً واحداً. ویشهد لـه: تصحیح أخذ کلّ واحدة منهما علّـة للاُخریٰ، فتکون علّـة
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 125
الاستواء أنّهم لایؤمنون، وتکون علّـة عدم إیمانهم استواء حالـهم بالـنسبـة الـیٰ الإنذار وعدم الإنذار، وهذا یشهد علیٰ أنّ الـعلّیّـة الـواقعیـة أمر آخر غیر ذلک، فلاتغترّ بما فی بعض الـتفاسیر.
والذی یظهر للمتدبّر: أنّ الآیـة الـشریفـة ربّما تستلزم یأس الـنبیّ صلی الله علیه و آله وسلممن الـنبوّة والإنذار بالـنسبـة الـیٰ جمیع الـمنحرفین عن الـصراط الـسویّ، وعن کافّـة الـمعوجین عن الـطریق الـمستقیم، وهذا من موهنات الـبلاغـة، ولاسیّـما فی الـکتاب الإلهی.
ولأجل هدم هذا الـموهن وتلک الـخیلاء أفاد أمراً آخر، وهو أنّک لاتیأس من إنذارک؛ لأنّهم ـ علیٰ ما یأتی ـ عالـم بحالـهم لایؤمنون، بخلاف غیرهم، ولعلّـه لأجل ذلک جیء بها مؤخّرة، وحالـت جملـة «سواء أنذرتهم» بینها وبین اسم «إنّ». واللّٰه الـعالـم.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 126