التوجیه الأوّل
وجه تأکید الجملة
کان الـمقام یناسب تأکید الـجملـة بـ «إنّ» ؛ لأنّ الـمراد من «الـذین کفروا» فی مثلها غیر الـمراد من «الـذین کفروا» فی قولـه تعالـیٰ: «یَا أَیُّهَا الَّذِینَ کَفَرُوا لاَتَعْتَذِرُوا الْیَوْمَ» حسب الـظاهر ولأجل ما اشتهر عنهم: أنّ الـمقصود من «الـذین کفروا» فی هذه الآیـة هی الأشخاص الـمعیّـنون وإن اختلفوا فی تعدیدهم:
فعن ابن عبّاس: أنّهم رؤساء الـیهود الـمعاندون.
وقال الآخرون: بل الـمراد قوم من الـمشرکین، کأبی لهب وأبی جهل
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 116
والـولید بن الـمغیرة وأمثالـهم.
والحقّ: أنّـه لمطلق الـمعاندین حسب اقتضاء الـعموم، إلاّ أنّهم الـمعاندون الـمخصوصون الـذین یحقّ أن یعبّر عنهم بمثل ما فی هذه الـکریمـة.
فبالجملة: الآیـة تشهد علیٰ أنّ الـمقام یناسب الـتأکید.
ومن هنا یظهر: فساد ما عن الـکندی الـمتفلسف من توهّم: اتّحاد معنیٰ «زید قائم» و«إنّ زیداً قائم» و«زید لقائم» وهکذا؛ غفلـة عن أنّ الـمقتضیات تختلف فی کیفیّـة الاستعمالات، وقد کان علم الـبلاغـة متصدّیاً لرعایـة هذه الـشؤون والـجهات.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 117