سورة البقرة

المسألة الثالثة : حول کلمة «قبل»

المسألة الثالثة

‏ ‏

حول کلمة «قبل»

‏ ‏

‏عن «الـصحاح»: «قبل» نقیض «بعد»‏‎[1]‎‏، قال اللّٰه تعالـیٰ: ‏‏«‏لِلّٰهِ الْأَمْرُ مِنْ‎ ‎قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ‏»‏‎[2]‎‏، وعن «الـمحکم»: قبل عقیب بعد تأمّل‏‎[3]‎‏.‏

‏ویستظهر من أهلـه: أنّ کلمـة «قبل» لیست موضوعـة للزمان الـسابق‏‎ ‎‏علیٰ الـتکلّم وحال الـکلام، بل هو لمعنیً إضافیّ، فیصحّ أن یقال: ظهور‏‎ ‎‏الـحجّـة ـ عجّل اللّٰه تعالـیٰ فرجـه ـ قبل الـقیامـة، ومن الـممکن دعویٰ: أنّـه‏‎ ‎‏من الـتوسّع، والأمر سهل.‏

‏ثمّ إنّـه یستعمل فی الـتقدّم الـمتّصل والـمنفصل، کما فی «الـمفردات»،‏‎ ‎‏وقیل: باختصاصـه بالـمتّصل، ویضادّه الـدُّبر‏‎[4]‎‏.‏

‏والأقویٰ هو الأوّل. نعم لایبعد انصرافـه عند الإطلاق الـیٰ الأزمنـة‏‎ ‎‏الـقریبـة، فإذا قیل: کان فلان قبلک فی داری، فهو منصرف الـیٰ الـمتّصل أو‏‎ ‎‏الـمنفصل الـقریب، فلایکون من الـمجاز قولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏وَمَا أُنْزِلَ مِنْ‎ ‎قَبْلِکَ‏»‏‏؛ لأنّ الـموضوع لـه أعمّ، وهو یأتی ظرف زمان ومکان، ویستعمل فی‏

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 9
‏الـتقدّم الـرُّتبی والـصناعی، ولکن لیس الـمعنیٰ إلاّ واحداً.‏

‏فما یظهر من «تاج الـعروس» من الـخلاف فی بعض تلک الـمعانی‏‎ ‎‏کالـمکان وغیره‏‎[5]‎‏، فهو لقصور الـباع وقلّـة الاطّلاع؛ ضرورة أنّ مفهوم‏‎ ‎‏الـزمان والـمکان وغیرهما خارج عنـه وضعاً.‏

‏وعلیٰ هذا یتبـیّـن فساد ما فی بعض کتب الـلّغـة: من أنّـه ظرف‏‎ ‎‏زمان‏‎[6]‎‏، وهذا الـتقیـید أوقعهم فی الـخلاف فی سائر موارد الاستعمال.‏

وبالجملة:‏ هو معرب وإذا حذف الـمضاف الـیـه، ونویٰ معناه فقط دون‏‎ ‎‏لفظـه، بُنی علیٰ الـضمّ، وإذا نُوی لفظـه ومعناه أجریت بلا تنوین کأنّ الـمضاف‏‎ ‎‏الـیـه مذکور، وتُعرب منوَّنـة إذا لم تُضف، کقولـه: وکنت قبلاً.‏

‏وفی الـمسألـة بعض الـتفاصیل الاُخر واختلافات شتّیٰ تأتی فی‏‎ ‎‏الـمواقف الـمناسبـة إن شاء اللّٰه تعالـیٰ.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 10

  • )) راجع الصحاح 3 : 1795 .
  • )) الروم (21) : 4 .
  • )) تاج العروس 8 : 69 .
  • )) المفردات فی غریب القرآن : 391 .
  • )) اُنظر تاج العروس 8 : 69 .
  • )) راجع أقرب الموارد 2 : 961 .