الأمر الرابع : ما أفاده العلاّمة الأصفهانیّ المحشّی
قال: «إنّ حقیقة الاستعمال إیجاد المعنیٰ فی الخارج باللفظ؛ حیث إنّ وجود اللفظ فی الخارج، وجود لطبیعیّ اللفظ بالذات، ووجود لطبیعیّ المعنی بالجعل والمواضعة والتنزیل، لا بالذات.
وحیث إنّ الموجود الخارجیّ بالذات واحد، فلا مجال لأن یقال: بأنّ وجود اللفظ وجود لهذا المعنیٰ خارجاً، ووجود لمعنی آخر، حیث لا وجود آخر کی ینسب إلی الآخر بالتنزیل.
ولیس الاستعمال إلاّ إیجاد المعنیٰ بنحو وجوده اللفظیّ خارجاً، وقد عرفت : أنّ الإیجاد والوجود متّحدان بالذات، وحیث إنّ الوجود واحد، فکذا الإیجاد» انتهیٰ.
وفیه أوّلاً : أنّ هذا التقریب یستلزم امتناع الاشتراک؛ لأنّ امتناع الاستعمال متفرّع علیٰ کون اللفظ وجوداً لطبیعیّ المعنیٰ، ولایعقل کون اللفظ الواحد، داخلاً فی
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 319
طبیعیّ المعنیین المختلفین ماهیّةً.
وثانیاً : لیس الاستعمال إیجاد المعنیٰ، کما مرّ آنفاً.
وثالثاً : إنّ الخلط بین الحقائق والاعتباریّات، غیر جائز علیٰ مثله الذی هو الواقف علیٰ مفاسده، ولذلک وقع فیه الآن؛ ضرورة أنّ اللفظ من مقولة، والمعنیٰ من مقولات شتّیٰ، ولایعقل الاندراج مطلقاً. وإذا صحّ الاندراج فی الجملة اعتباراً، فلا مضایقة من ذلک بنحو الکلّی؛ إذا کان فیه الغرض العقلائیّ، فلاحظ وتدبّر جیّداً.
فبالجملة : القائلون بالامتناع إمّا یعتقدون بصحّة الاستخدام، أو لا ، لا سبیل إلی الثانی.
وعلی الأوّل : إمّا یظنّون أنّ الضمیر یستعمل فی الکلمة بما لها من المعنیٰ، أو فی نفس المعنیٰ، أو لایستعمل إلاّ فیما وضع له؛ وهی الإشارة إلی المرجع، لاسبیل إلاّ إلی الثانی، وعلیه یتعیّن الاستعمال فی الأکثر؛ لأنّه حین قوله: «إذا نزل السماء بأرض قوم» یرید بالإرادة الاستعمالیّة المعنیین، وبالإرادة الجدّیة أحدَ المعنیین؛ بقرینة قوله: «نزل» وإذا وصل إلیٰ قول الشاعر: «رعیناه وإن کانوا غضابا» یرید المعنی الثانی بالإرادة الجدّیة، أو یقال: أراد المعنیین من أوّل الأمر، إلاّ أنّه أظهر مراده بالقرینة فی محلّه، فلو کان الاستعمال ما توهّمه هؤلاء القوم ـ وهو إیجاد المعنیٰ باللفظـ فلایمکن ذلک فی الاستخدام إلاّ بالاستعمال فی الأکثر.
نعم، بناءً علیٰ ماهو الحقّ فی الاستعمال؛ وهو الانتفاع من علق الوضع، فلک دعویٰ أنّه بالضمیر الراجع إلی اللفظ یتمکّن من الانتفاع؛ للزوم الانتقال إلی المعنیٰ بذلک الإرجاع، فتدبّر.
فتحصّل : أنّ دعوی الامتناع، غیر قابلة للإصغاء إلیها.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 320