المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

السابع الارتماس

السابع الارتماس

‏ ‏

‏وهو الانغماس فی الـماء، وقد اختلفت کلماتهم فی الـمسألـة حتّیٰ قیل:‏‎ ‎‏«إنّ الأقوال أربعـة»‏‎[1]‎‏:‏

‏فعن الـشیخین والـمرتضیٰ فی «الانتصار» وابن الـبرّاج أنّـه مبطل،‏‎ ‎‏ویوجب الـقضاء والـکفّارة‏‎[2]‎‏.‏

‏وعن أبی الـصلاح أنّـه یوجب الـقضاء فقط‏‎[3]‎‏. وهذا الـخلاف لـیس‏‎ ‎‏خلافاً فی هذه الـمسألـة، فالـبطلان قول الأکثر‏‎[4]‎‏.‏

‏نعم، ذهب الـشیخ فی «الاستبصار» إلـیٰ أنّـه محرّم لا یوجب قضاءً ولا‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 365
‏کفّارة‏‎[5]‎‏، وهو مختار الـمحقّق فی «الـمعتبر»‏‎[6]‎‏ ومن الـغریب أنّ أکثر الـفتاوی‏‎ ‎‏الـنادرة عن الـمحقّق مذکورة فی «الـمعتبر»! ولعلّـه لیس من مؤلّفاتـه، بل هو‏‎ ‎‏من مؤلّفات أحد الـحلّیّـیین نسب إلـیـه؛ لاشتهاره بینهم بالـتألـیف.‏

وبالجملة: ‏هو مختار الـعلاّمـة فی «الـمنتهیٰ» و«الـمختلف»‏‎[7]‎‎ ‎‏و«الـمدارک» قوّاه‏‎[8]‎‏، وهو الـمحکیّ عن ابن إدریس‏‎[9]‎‏، وظاهره کراهـة‏‎ ‎‏الارتماس‏‎[10]‎‏.‏

‏وأیضاً هو الـمحکیّ عن الـعمّانی‏‎[11]‎‏، والـسیّد‏‎[12]‎‏، ویظهر عن الـعلاّمـة‏‎ ‎‏فی «الـتذکرة» أیضاً عدم مبطلیّتـه، وقال: «قال الـسیّد الـمرتضیٰ: لایفسد‏‎ ‎‏الـصوم، وهو مکروه، وبـه قال أحمد، ومالـک، وقال باقی الـجمهور: إنّـه غیر‏‎ ‎‏مکروه»‏‎[13]‎‏.‏

‏وحیث إنّ إجماع الـقدماء، بل ولا الـشهرة الـقدیمـة، غیر ثابتـة،‏‎ ‎‏ومجـرّد قول «الـحدائق»: «إنّـه الأشهر»‏‎[14]‎‏ أو فی «الـجواهر»: «إنّـه‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 366
‏الـمشهور»‏‎[15]‎‏ لا یُثبت الـمفطر، ولو ثبت إجماع فهو غیر تعبّدی؛ لـظهور‏‎ ‎‏استنادهم إلـی الأخبار، کما صرّح بـه «الاستبصار»‏‎[16]‎‏ فلابدّ من الـمراجعـة‏‎ ‎‏إلـیٰ روایات الـمسألـة، ولاسیّما بعد کونها کثیرة ومضطربـة، فاختلاف الأقوال‏‎ ‎‏منشاُه اختلافها، وتشتّـت مضامینها.‏

وغیر خفیّ: ‏أنّـه من الـمحتمل عدم الـحرمـة الـوضعیّـة والـتکلیفیّـة،‏‎ ‎‏ولا الـکراهـة الـمصطلحـة؛ لأنّ الـنواهی إرشاد إلـیٰ منقصـة فی الـصوم‏‎ ‎‏بالارتماس، کالـنهی عن الـصلاة فی الـحمام، کما یحتمل أن یکون الـصوم‏‎ ‎‏بالارتماس صحیحاً، ومع ذلک یجب الـقضاء والـکفّارة؛ لأنّ الارتماس یضرّ‏‎ ‎‏بالـصوم إلـیٰ حدّ لا یصیر باطلاً وبلا مصلحـة، إلاّ أنّ الـمصلحـة الـملزمـة لا‏‎ ‎‏تدرک بعد الارتماس، فیجب تدارکها بالـقضاء، ولکنّـه حیث أضرّ بصومـه‏‎ ‎‏وبتلک الـمصلحـة فعلیـه الـکفّارة، فلا تغفل.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 367

  • )) الحدائق الناضرة 13 : 133 .
  • )) الحدائق الناضرة 13 : 133 ، المقنعة : 344 ، النهایة : 154 ، الانتصار : 62 ، المهذّب 1 : 192 .
  • )) مختلف الشیعة 3 : 400 ، الکافی فی الفقه : 183 .
  • )) لاحظ مدارک الأحکام 6 : 48 .
  • )) الاستبصار 2 : 85 ، ذیل الحدیث 263 .
  • )) المعتبر 2 : 656 .
  • )) منتهی المطلب 2 : 565 / السطر 11 ـ 12 ، مختلف الشیعة 3 : 401 .
  • )) مدارک الأحکام 6 : 48 .
  • )) مختلف الشیعة 3 : 400 ، الصوم، الشیخ الأنصاری 12 : 71 .
  • )) السرائر 1 : 375 ـ 376 و 386 ـ 387 .
  • )) مختلف الشیعة 3 : 400 .
  • )) الصوم ، الشیخ الأنصاری 12 : 71 ، رسائل الشریف المرتضیٰ 3 : 54 .
  • )) تذکرة الفقهاء 6 : 33 .
  • )) الحدائق الناضرة 13 : 133 .
  • )) جواهر الکلام 16 : 227 .
  • )) الاستبصار 2 : 85 ، ذیل الحدیث 263 .