تذنیب : الکلام فی شبهة ناشئة من تقیید الأکل والجماع بالعمد
قد مضیٰ فی مباحث الـنیّـة خلاف الأعلام فی أنّ نیّـة الـقاطع قاطعـة، أم لا، والـذی أردنا هنا هی الإشارة إلـیٰ شبهـة: وهی أنّـه لـو کان الأکل أو الـجماع الـعمدیّان مفطرین، فما معنی کون نیّـة الـقاطع مفطرة؟! ضرورة أنّ لازم ذلک هو أن یقصد قصد الأکل، وینوی الأکل الـمنویّ.
وفی «الـعروة الـوثقیٰ» وإن لـم یعتبر فی ناحیـة الأکل والـشرب والـجماع قیدَ الـتعمّد، ولکنّـه اعتبر فی ناحیـة الإمناء، فقال: «الـرابع من الـمفطرات: الاستمناء؛ أی إنزال الـمنیّ متعمّداً» انتهیٰ.
ثمّ قال فی الـمسألـة (17): «لو قصد الإنزال بإتیان شیء ممّا ذکر ولکن لم ینزل، بطل صومـه من باب نیّـة إیجاد الـمفطر» انتهیٰ.
ولازم ذاک وهذا هو أنّ الـمفطر قصد الـمفطر.
وبعبارة اُخریٰ: الـمفطر هو الإمناء الـعمدیّ؛ أی عن قصد فلابدّ وأن یتعلّق الـقصد بالإمناء الـقصدیّ حتّیٰ یکون مفطراً، ولازمـه أن یتعلّق الـقصد بالـقصد، وهو ظاهر الـبطلان.
أقول: ما هو الـتحقیق أنّ الـمفطر هو الأکل والـشرب والـجماع والاستمناء، من غیر دخالـة حالـة من الـحالات فی ذلک، کالـعلم والـعمد
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 333
ونحوه؛ وذلک حسب إطلاق أدلّتها، وقد خرج حسب الأدلّـة صورة الـنسیان کما یأتی، أو بعض الـصور الاُخر، فیکون فی صورة الـجهل الـتقصیریّ کلّ واحد منها مثلاً مفطراً، وعند ذلک یصحّ أنّ یقال: إنّ الأکل مفطر، وقصده أیضاً مفطر، فإنّ الأکل مفطر بذاتـه، وقصده مفطر عند الالتفات إلـی الـمفطریّـة الـثابتـة لـه بذاتـه، وهکذا فی ناحیـة الاستمناء.
فما فی «الـعروة الـوثقیٰ» من جعل الاستمناء ـ وهو قصد إنزال الـمنیّ متعمّداً ـ مبطلاً، ینافی ما أفاده فی الـمسألة (17) لما لا یمکن الـجمع.
والذی هو الحقّ: أنّ الاستمناء من الـمفطرات، ولایعتبر الـتعمّد والالتفات فی مفطریّـة ذات الـعمل حتّیٰ یلزم الإشکال.
نعم؛ لـو فرضنا أنّ قضیّـة الأدلّـة اختصاص الـمفطریّـة بکلّ واحد منها حال الالتفات والـعمد، فلا معنیٰ لـکون قصد الـمفطر مفطراً، کما لایخفیٰ.
والحمد للّٰه أوّلاً وآخراً، وظاهراً وباطناً.
تمّ یوم (18) من رمضان المبارک (93).
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 334