المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

المسألة الاُولیٰ : فی الاستمناء بالنظر وتصویر الصور

المسألة الاُولیٰ : فی الاستمناء بالنظر وتصویر الصور

‏ ‏

‏وربّما کان لأجل عدم ارتباط نصوص الـمسألـة بهذه الـصورة، ذهب‏‎ ‎‏جمع إلـیٰ أنّ الاستمناء بالـنظر وتصویر الـصورة الـواقعیّـة أو الـخیالـیّـة أو‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 309
‏نحو ذلک، لـیس بمبطل، إمّا مطلقاً کما یظهر من «الـخلاف» و«الـسرائر» بل‏‎ ‎‏وفی «الـشرائع» وغیرها‏‎[1]‎‏.‏

‏أو مقیّداً بما إذا کان الـنظر إلـیٰ من یحلّ الـنظر إلـیـه، کما نسب إلـیٰ‏‎ ‎‏ابن أبی عقیل‏‎[2]‎‏، والـمفید، وسلاّر‏‎[3]‎‏، وابن الـبرّاج‏‎[4]‎‏، بل والـسیّد فی طائفـة‏‎ ‎‏من کتبـه‏‎[5]‎‏ وغیره، کالـعلاّمـة، بل وابن حمزة‏‎[6]‎‏.‏

فما قد یتوهّم: ‏من أنّ رأیهم بعدم الـمبطلیّـة بلا وجـه‏‎[7]‎‏ بعد ثبوت‏‎ ‎‏الإجماعات الـمطلقـة‏‎[8]‎‏، أو بعد ورود الـنصوص الـکثیرة فی الـعبث‏‎ ‎‏بالـتقبیل والـملامسـة واللزق واللصق‏‎[9]‎‏، غیر تامّ جدّاً؛ لأنّ هؤلاء من أعظم‏‎ ‎‏الـمجمعین، فلا إجماع بعد خلافهم، وأنّ الأخبار أجنبیّـة جدّاً عن مسألـة‏‎ ‎‏الاستمناء؛ بمعنیٰ أنّـه یعبث بأهلـه لأجل إخراج الـمنیّ. وما فی «الـریاض»‏‎ ‎‏من حمل فتواهم علیٰ فرض عدم الـقصد إلـی الإمناء‏‎[10]‎‏، یشهد علیٰ إمکان‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 310
‏حملـه علیٰ هذه الـصورة.‏

‏فبعد اللتیّا والـتی، إنّ فی صورة الـقصد إلـی الإنزال مع الاشتغال‏‎ ‎‏بالأسباب الـمتعارفـة الـمنتهیـة عادةً إلـیٰ خروج الـمنیّ، یبطل الـصوم؛ لأنّـه‏‎ ‎‏الـمستفاد من الـمفروغیّـة الـظاهرة من الأخبار، حیث إنّ الأسئلـة فیها تکون‏‎ ‎‏بعد الـفراغ عن مبطلیّـة ذلک، وأمّا قصد الإنزال بالأسباب غیر الـعادیّـة‏‎ ‎‏کالـنظر والـتصویر، فهی لـمکان ندرتها یشکل إثبات مفطریّتها، ولاسیّما بعد‏‎ ‎‏الاختلاف الـمشاهد بین الأعـلام کمـا عرفـت؛ بناءً علیٰ ما احتملناه فی‏‎ ‎‏کلماتهم.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ خبر أبی بصیر قال: سألـت أباعبداللّٰه ‏‏علیه السلام‏‏ عن‏‎ ‎‏رجل وضع یده علیٰ شیء من جسد امرأتـه فأدفق. فقال: ‏«کفّارته أن یصوم‎ ‎شهرین متتابعین، أو یطعم ستّین مسکیناً، أو یعتق رقبة»‎[11]‎‏ یدلّ علیٰ أنّ‏‎ ‎‏الأسباب غیر الـمعتادة أیضاً توجب الـبطلان.‏

‏ولکنّ الـشأن أنّـه مضافاً إلـیٰ ضعف الـسند‏‎[12]‎‏، لایکون إطلاقـه معمولاً‏‎ ‎‏بـه قطعاً؛ لأنّ لازمـه الـبطلان ولو لـم یقصد الإنزال، ویعارضـه الأخبار الاُخر‏‎ ‎‏الآتیـة إن شاء اللّٰه تعالـیٰ‏‎[13]‎‏.‏

فبالجملة: ‏إثبات مفطریّـة الاستمناء الـعمدیّ بالأسباب غیر الـعادیّـة،‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 311
‏فی غایـة الإشکال ولو کانت عادیّـة بالـنسبـة إلـیٰ شخص خاصّ.‏

‏واستفادة الـمفطریّـة لـهذه الـصورة من الأخبار الآتیـة بالأولویّـة، غیر‏‎ ‎‏ممکن؛ لأنّ من الـمحتمل دخالـة الاعتیاد فی الـمنع، فلا بأس بأن یکون‏‎ ‎‏اللعب من الـمعتاد أو ممّن لایثق بنفسـه ولا یأمن منها، مفطراً وإن لـم یقصد‏‎ ‎‏الإنزال. وعلیـه لـم یکن قصد الإنزال بوضع رأس الأصبع علیٰ جسد الـمرأة‏‎ ‎‏ولم یکن معتاداً بالإمناء، مفطراً.‏

‏ وربّما یستظهر من معتبر الـحلبیّ‏‎[14]‎‏ أنّ الـمسّ إذا انتهیٰ إلـی الإمناء‏‎ ‎‏یبطل‏‎[15]‎‏، وهو من غیر الـعادیّات. وأیضاً یستظهر من الـطائفـة الـثالـثـة‏‎ ‎‏الآتیـة‏‎[16]‎‏ أنّ مجرّد الإمناء الـعمدیّ لایضرّ.‏

وبالجملة: ‏أیضاً تثبت مفطریّتـه بناءً علی الـملازمـة بأنّ کل ما یوجب‏‎ ‎‏الـغسل، یکون عمده مفطراً، وقد عرفت الـکلام حولها‏‎[17]‎‏.‏

‏وممّا یؤیّد عدم تمامیّتها ظاهراً: أنّ من احتلم فی شهر رمضان، ثمّ أنزل‏‎ ‎‏ثانیاً عمداً، لایجب علیـه الـغسل لـلإنزال، مع أنّـه یبطل صومـه بالـضرورة،‏‎ ‎‏فتدبّر.‏

‏هذا تمام الـکلام فی الـمسألـة الاُولیٰ من مسائل الاستمناء.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 312

  • )) الخلاف 2 : 198 ، المسألة 49 ، السرائر 1 : 389 ، شرائع الإسلام 1 : 171 ، الجامع للشرائع : 155 .
  • )) مختلف الشیعة 3 : 411 .
  • )) المقنعة : 359 ، المراسم : 98 .
  • )) مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 245 .
  • )) مختلف الشیعة 3 : 410 ، مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 245 .
  • )) تحریر الأحکام : 77 / السطر 20 ، الوسیلة : 143 .
  • )) ریاض المسائل 1 : 305 / السطر 1 ـ 6 ، مستند الشیعة 10 : 240 ـ 242 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 190 .
  • )) وسائل الشیعة 10 : 39 ، کتاب الصوم ، أبواب ما یمسک عنه الصائم ، الباب 4 .
  • )) ریاض المسائل 1 : 315 / السطر 24 .
  • )) تهذیب الأحکام 4 : 320 / 981 ، وسائل الشیعة 10 : 40 ، کتاب الصوم ، أبواب ما یمسک عنه الصائم ، الباب 4 ، الحدیث 5 .
  • )) اُنظر معجم رجال الحدیث 5 : 167 / 3230 و 11 : 183 / 7798 و 14 : 7 / 9470 و 98 / 77 .
  • )) یأتی فی الصفحة 316 ـ 317 .
  • )) الکافی 4 : 104 / 1 ، وسائل الشیعة 10 : 97 ، کتاب الصوم ، أبواب ما یمسک عنه الصائم ، الباب 33 ، الحدیث 1 .
  • )) مصباح الفقیه 14 : 437 ، مستند العروة الوثقیٰ ، کتاب الصوم 1 : 119 .
  • )) یأتی فی الصفحة 316 ـ 317 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 295 ـ 296 و 310 .