المبحث الأوّل فیما یتعلّق بماهیّة الصوم

الرابع الاستمناء

الرابع الاستمناء

‏ ‏

‏ولا خلاف فی مفطریّتـه إجمالاً، وعلیـه الإجماعات الـمحکیّـة عن‏‎ ‎‏«الانتصار» و«الـوسیلـة» و«الـغنیـة» و«الـتذکرة». وعن «الـمدارک»: «علیـه‏‎ ‎‏أجمع الـعلماء کافّـة»‏‎[1]‎‏ ولعلّـه ناظر إلـیٰ رأی الـمخالـفین، ففی «الـخلاف»:‏‎ ‎‏«أنّـه قول الـمالـک والـشافعیّ، واختلافهما فی الـکفّارة»‏‎[2]‎‏.‏

‏وحکی إجماعات عن الـمتأخّرین، کـ «الـمنتهیٰ» و«الـذخیرة»‏‎ ‎‏و«الـحدائق»‏‎[3]‎‏.‏

‏وحیث إنّ الـمسألـة روائیّـة، فالـمستند قبل هذه الـشهرات‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 307
‏والإجماعات هی الـمآثیر والأخبار، وقبل الـخوض فیها لا بأس بالإشارة إلـیٰ‏‎ ‎‏أنّ خروج الـمنیّ لایضرّ بالـضرورة نصّاً وفتویً؛ فإنّ الاحتلام لایفسد الـصوم،‏‎ ‎‏کما یمکن أن نشیر إلـیٰ أخباره‏‎[4]‎‏.‏

وأیضاً: ‏ممّا لا إشکال فیـه حسب الـنصّ والـفتویٰ؛ أنّـه إذا قصد الإمناء‏‎ ‎‏فأمنیٰ أنّـه یفسد صومـه، وهذا هو الـقدر الـمتیقّن من الأخبار والإجماعات‏‎ ‎‏الـسابقـة.‏

إن قلت: ‏أمّا الإجماعات فلا حجّیّـة لـها بعد ما اُشیر إلـیـه، وأمّا الأخبار‏‎ ‎‏فهی کلّها ناظرة إلـیٰ غیر هذه الـصورة.‏

‏نعم، یمکن دعوی الأولویّـة الـقطعیّـة ومفروغیّـة الـمسألـة، وأنّـه‏‎ ‎‏یستفاد منها أنّ الاستمناء مفطر، وما هو یقرب منـه أیضاً مفطر.‏

قلت: ‏نعم، الأخبار بجملتها وإن کانت فی مسألـة اُخریٰ ومسیر آخر،‏‎ ‎‏ولاینبغی الـخلط کما قد یتوهّم وتوهّمـه بعضهم‏‎[5]‎‏، ولکنّ الإنصاف یشهد علیٰ‏‎ ‎‏أنّها تدلّ بالـوجـه الـمزبور علیٰ مفطریّـة الاستمناء، وهو مقتضیٰ إطلاق‏‎ ‎‏قولـه ‏‏علیه السلام‏‏: ‏«لایضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب الأکل والشرب والنساء»‎[6]‎‏.‏

‏والـتفخیذ والاستمناء بهنّ خلاف الاجتناب منهنّ، وکأنّ الـمفروض فی‏‎ ‎‏الأخبار هو أنّ الـصائم الـمسلم لایفعل حراماً، کالاستمناء بهنّ، فإذا یجب‏‎ ‎‏الاجتناب عن امرأتـه فعن غیرهنّ أولیٰ وأوضح.‏


کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 308
‏ویدلّ علیٰ خصوص هذه الـمسألـة معتبر عبدالـرحمان بن الـحجّاج‏‎ ‎‏قال: سألت أبا عبداللّٰه ‏‏علیه السلام‏‏ عن الرجل یعبث بأهله فی شهر رمضان حتّیٰ یمنی.‏

‏قال: ‏«علیه من الکفّارة مثل ما علی الذی یجامع»‎[7]‎‏.‏

‏فإنّ کلمـة «حتّیٰ» وإن تأتی لـمعانٍ، إلاّ أنّ الأظهر من بینها أنّها‏‎ ‎‏للغایـة‏‎[8]‎‏.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الـغایـة علیٰ وجهین؛ إحداهما: ما تکون لأجلها‏‎ ‎‏الـحرکـة، والاُخریٰ: ما تکون إلـیها الـحرکـة، وما هو الـمفید هو الأوّل،‏‎ ‎‏ودون‏‎ ‎‏إثباتـه خرط الـقتاد.‏

فبالجملة: ‏تحصّل لـحدّ الآن أنّ الإمناء بمعنی الـقصد لـلإخراج والـتعمّد‏‎ ‎‏إلـیـه، بلا دلیل إلاّ الإجماعات الـمعلوم حالـها وإطلاق معتبر ابن مسلم‏‎[9]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 309

  • )) مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 244 ، الانتصار : 64 ، الوسیلة : 142 ، الغنیة ، ضمن الجوامع الفقهیّة : 509 / السطر 12 ، تذکرة الفقهاء 6 : 24 ، مدارک الأحکام 6 : 61 .
  • )) الخلاف 2 : 198 ، المسألة 49 .
  • )) منتهی المطلب 2 : 564 / السطر 10 ، ذخیرة المعاد : 499 / السطر 30 ، الحدائق الناضرة 13 : 129 .
  • )) یأتی فی الصفحة 326 ـ 327 .
  • )) مستمسک العروة الوثقیٰ 8 : 245 ، مستند العروة الوثقیٰ ، کتاب الصوم 1 : 118 .
  • )) تهذیب الأحکام 4 : 189 / 535 ، وسائل الشیعة 10 : 31 ، کتاب الصوم ، أبواب ما یمسک عنه الصائم ، الباب 1 ، الحدیث 1 .
  • )) الکافی 4 : 102 / 4 ، وسائل الشیعة 10 : 39 ، کتاب الصوم ، أبواب ما یمسک عنه الصائم ، الباب 4 ، الحدیث 1 .
  • )) مغنی اللبیب : 64 .
  • )) تهذیب الأحکام 4 : 189 / 535 ، وسائل الشیعة 10 : 31 ، کتاب الصوم ، أبواب ما یمسک عنه الصائم ، الباب 1 ، الحدیث 1 .